[ ص: 252 ] 971 - باب بيان مشكل ما روي مما اختلف فيه أهل العلم في الحلفاء هل يعقلون مع من حالفوه جناية بعضهم ، أو هل يعقل عنهم من حالفوهم جناياتهم ، مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ؟
5990 - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثني أبي ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير بن مطعم أن النبي - عليه السلام - قال : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة .
[ ص: 253 ] هكذا أخبرنا ابن أبي مريم هذا الحديث بهذا الإسناد .
5991 - ثم حدثناه أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن نافع بن جبير بن مطعم .
عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله سواء .
5992 - وحدثنا ابن أبي داود ، حدثنا الوهبي ، حدثنا ابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه .
[ ص: 254 ] عن جده قال : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام خطيبا ، فقال : يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية ، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام .
5993 - وحدثنا أبو أمية ، حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه .
عن جده عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، قال : لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام خطيبا ، فقال : أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية ، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام .
[ ص: 255 ]
5994 - وحدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم الضبي قال :
سأل قيس بن عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف ، فقال : لا حلف في الإسلام ، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية .
أي : يجرونه في الإسلام على ما كانوا يجرونه عليه في الجاهلية ، ولكن الحلف الذي كان يتعاقد في الجاهلية على أن يكون الحلفاء الذين حالفوهم به كالبطن الواحد فيما يحمله بعضهم عن بعض ، إذ كانوا بالحلف قد صاروا منهم بذلك المكان ، وكانت القبيلة التي حولفت قد كانت تحمل عقل الجنايات عن جناتها منهم ، فكان من دخل منهم بالحلف معقولا أنه كذلك .
[ ص: 256 ] وهذه مسألة من الفقه قد اختلف أهله فيها .
فبعضهم يقول هذا القول منهم : أبو حنيفة وأصحابه .
وبعضهم يدفع أن يكون الحلف بهذه المنزلة ، وفيما قد ذكرنا مما كان الحلف عليه في الجاهلية ، وأمر بالتمسك به في الإسلام ما قد دل على ما قاله أبو حنيفة وأصحابه في ذلك .
ومما يحقق ما قلنا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5995 - مما قد حدثناه محمد بن خزيمة ، حدثنا يوسف بن عدي الكوفي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : أسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم رجلا من بني عامر بن صعصعة ، فمر به على النبي صلى الله عليه وسلم وهو موثق ، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : على ما أحبس ؟ قال : لجريرة حلفائك ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فناداه ، فأقبل إليه ، فقال له الأسير : إني مسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح .
[ ص: 257 ]
5996 - وما قد حدثنا فهد ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب .
عن عمران بن حصين قال : كانت العضباء لرجل من عقيل أسر ، فأخذت العضباء منه ، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، على ما تأخذوني ، وتأخذون سابقة الحاج ، وقد أسلمت ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلتها وأنت تملك نفسك أو أمرك لأفلحت كل الفلاح . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخذت بجريرة حلفائك .
[ ص: 258 ] وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان المحالفون يؤاخذون بجرائر حلفائهم كما يؤخذون بجرائر بني عمومتهم ، كما ذكرنا ، كانوا بالأخذ بعقول جناياتهم ، وكان المحالفون بأخذها عنهم أولى ، وفيما ذكرنا ما قد دل على أن الحلفاء يعقلون عمن حالفوهم عنهم كما يعقل أهل الفخذ بعضهم عن بعض .


