[ ص: 158 ] 674 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يدل على مراد الله عز وجل بقوله في آية المكاتبين : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم
4366 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني رجال من أهل العلم ، منهم يونس بن يزيد والليث بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت : جاءت بريرة إلي ، فقالت : يا عائشة ، إني قد كاتبت أهلي على تسع أواق ; في كل عام أوقية ، فأعينيني ، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا ، فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك ، فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا ويكون ولاؤك لي فعلت ، فذهبت إلى أهلها ، فعرضت ذلك عليهم ، فأبوا ، وقالوا : إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ، ويكون ولاؤك لنا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا يمنعك ذلك منها ، ابتاعي فأعتقي ، فإنما الولاء لمن أعتق ، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ، قال : " أما بعد ، فما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، من شرط شرطا ليس في كتاب الله عز وجل فهو [ ص: 159 ] باطل ، وإن كان مائة شرط ، قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق .
4367 - حدثنا يونس ، أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث والليث بن سعد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، [ ص: 160 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .
4368 - وحدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : جاءت بريرة إلى عائشة رضي الله عنها ، فقالت : إني كاتبت أهلي على تسع أواق ; في كل عام أوقية ، فقالت عائشة : إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت ، فذهبت بريرة إلى أهلها ، فقالت لهم ذلك ، فأبوا ذلك عليها ، فجاءت من عند أهلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فقالت : إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم ، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألها ، فأخبرته عائشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذيها ، واشترطي الولاء لهم ، فإن الولاء لمن أعتق . ففعلت عائشة ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، ثم ذكر بقية الحديث [ ص: 161 ] قال أبو جعفر : ففي هذين الحديثين ما قد دل على أنه لا يجب على من كاتب عبده وضع شيء من كتابته عنه ، وأن قول الله تعالى : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم على الحث والحض على الخير من معونة المكاتبين ممن كاتبهم وممن سواهم من أموالهم حتى يعتقوا بخروجهم من مكاتباتهم ، كما قال هذا القول من قاله من أهل العلم ، منهم أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وخلاف ما قاله من سواهم من أهل العلم ، منهم الشافعي ، وذهبوا إلى أن تأويل قوله عز وجل : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم على الوجوب والحتم ، لا على الندب والحض ، وعلى أن ذلك من المكاتبة التي يكاتبونهم عليها .
وفي الحديثين اللذين روينا وقوف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن بريرة لم تكن قضت من كتابتها شيئا ، وعلى قول عائشة لها : ارجعي إلى أهلك ، فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا ، أو أعدها لهم جميعا ، ويكون ولاؤك لي ، فعلت ، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار ذلك عليها ، فدل ذلك على وجوب المكاتبة كلها للمكاتبين على المكاتبين ، لأنه لو كان الوضع واجبا عليهم منها لمن يكاتبوه لقال لعائشة : ولم تدفعين إليهم عنها ما لا يجب لهم عليها ، وما قد أوجب الله عز وجل لها عليهم إسقاطه عنها ؟ ومثل ذلك أيضا ما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم فيما كان منه في جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار .
4369 - كما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد بن [ ص: 162 ] موسى ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية ابنة الحارث في سهم لثابت بن قيس بن شماس ، أو لابن عم له ، فكاتبت على نفسها ، قالت : وكانت امرأة ملاحة حلوة ، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في مكاتبتها ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها ، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول الله ، أنا جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من الأمر ما لم يخف ، فوقعت في سهم لثابت بن قيس بن شماس ، أو لابن عم له ، فكاتبته ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على كتابتي ، قال : " فهل لك في خير من ذلك ؟ " قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : أقضي عنك كتابتك وأتزوجك ، قالت : نعم ، قال : " قد فعلت " . وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية ابنة الحارث ، فقالوا : صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلوا ما في أيديهم ، قالت : فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها .
[ ص: 163 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذل لجويرية أداء جميع مكاتبتها عنها إلى الذي كاتبها ، فدل ذلك على أن جميع مكاتبتها قد كانت عليها للذي كاتبها لا حطيطة لها عليه منه ، ومثل ذلك ما قد روي عنه أيضا في سلمان الفارسي .
4370 - كما حدثنا علي بن معبد ، أنبأنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ( ح ) ، وكما حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا يوسف بن بهلول ، حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، ثم اجتمعا فقالا : عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، حدثنا سلمان الفارسي حديثه من فيه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كاتب " ، فسألت صاحبي ذلك ، فلم أزل به حتى كاتبني على أن أحيي له ثلاث مائة نخلة وبأربعين أوقية من ورق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعينوا صاحبكم بالنخل ، فأعانني كل رجل منهم بقدره بالثلاثين والعشرين والخمسة عشر والعشرة ، ثم قال لي : " يا سلمان ، اذهب ففقر لها ، فإذا أردت أن تضعها فلا تضعها حتى تأتيني تؤذنني ، فأكون أنا الذي أضعها بيدي " ، فقمت في تفقيري ، وأعانني أصحابي ، حتى فقرنا شربها ثلاث مائة ودية ، وجاء كل رجل بما أعانني من النخل ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يضعها بيده ، وجعل يسوي عليها ترابها حتى فرغ منها جميعا ، قال : والذي نفسي بيده ما ماتت منها واحدة ، وبقيت [ ص: 164 ] الدراهم علي ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ جاءه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب ، أصابها في بعض المعادن ، يتصدق بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فعل الفارسي المسكين المكاتب ؟ ادعوه لي " ، فدعيت فجئت ، فقال : " اذهب فأدها عنك فيما عليك من المال " ، قلت : وأين تقع هذه مما علي يا رسول الله ؟ قال : " إن الله تعالى سيؤديها . واللفظ لفهد .
قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ مولى سلمان بحط عنه من مكاتبته ، ولا بوضع عنه منها ، ففي ذلك أيضا دليل على ما ذكرنا .
ثم قد وجدنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا في تأويل هذه الآية كاختلاف من بعدهم في تأويلها ، فروي في تأويلها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما قد يجاوزه بعضهم به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 165 ]
كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الأعلى الثعلبي قال : شهدت أبا عبد الرحمن السلمي وكاتب غلاما له على أربعة آلاف درهم ، وشرط عليه إن عجز رد في الرق ، وما أخذت منك فهو لي ، فوضع عنه ألف درهم من الأربعة آلاف ، ثم قال : سمعت خليلك عليا رضي الله عنه يقول : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم هو الربع . هكذا روى الثوري عن عبد الأعلى على ما ذكرنا ، لم يتجاوز به عليا رضي الله عنه .
وكما حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي رضي الله عنه وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ، قال : ربع المكاتبة . [ ص: 166 ]
وكما أنبأنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا أحمد بن سليمان الرهاوي ، حدثنا يزيد يعني ابن هارون ، أنبأنا عبد الملك وهو ابن أبي سليمان ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كاتب غلاما له على أربعة آلاف درهم ، ثم وضع عنه ألفا ، ثم قال : لولا أني رأيت عليا رضي الله عنه كاتب غلاما له ثم وضع عنه الربع ما فعلت .
قال أبو جعفر : وهكذا روى أيضا جرير عن عطاء بن السائب هذا الحديث ، فلم يتجاوز به عليا ، وهكذا رواه أيضا عبد الملك بن أعين ، فلم يتجاوز به عليا ، وقد رواه ابن جريج عن عطاء بن السائب ، فتجاوز به عليا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
4371 - كما حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي ، حدثنا أحمد بن محمد القواس ، حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد ( ح ) ، وكما [ ص: 167 ] حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا عبد الرزاق ، ثم اجتمعا ، فقالا : أنبأنا ابن جريج ، حدثنا عطاء بن السائب أن عبد الله بن حبيب أخبره عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ، قال : " ربع المكاتبة .
4371 م - وكما حدثنا أحمد ، أنبأنا يوسف بن سعيد ، حدثنا حجاج يعني ابن محمد ، أنبأنا ابن جريج ، أخبرني عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حبيب ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قال ابن جريج : وأخبرني غير واحد عن عطاء أنه كان يحدث بهذا الحديث ، لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 168 ] قال أبو جعفر : فكان الذي رفع هذا الحديث عن علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن جريج ، عن عطاء ، وعطاء فقد كان خلط بأخرة ، وحديثه الذي لا يختلط فيه عنه هو ما يحدث عنه أربعة دون من سواهم ; وهم الثوري ، وشعبة ، وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، فحديث ابن جريج عنه هو ما أخذ عنه في حال الاختلاط ، فلم يكن ذلك مما يوجب رفع هذا الحديث .
قال أبو جعفر : ولم يكن هذا الحديث عندنا أيضا حجة في وجوب وضع بعض المكاتبة عن المكاتب على مولاه ، إذ كان ذلك يحتمل أن يكون كان من علي على طلب الخير ، لا على وجوب ذلك كان عليه .
ثم نظرنا ، هل روي في ذلك شيء عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فوجدنا أحمد بن داود بن موسى قد حدثنا ، قال : حدثنا سليمان بن حرب الواشحي ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثني عبيد الله ، عن أبي قال : وقال ميمون : عن عمي ، قال : وحدثتني أمي وأهلي أن جدي قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : كاتبني ، قال : اعرض ، قلت : بمائة أوقية ، قال : فما استزادني ، فأراد شيئا يعطينيه ، فلم [ ص: 169 ] يجد ، فأرسل إلى حفصة ، فقال : إني قد كاتبت غلامي ، وأنا أريد أن أعطيه شيئا ، فابعثي إلي بدراهم ، فأرسلت إليه بمائتي درهم ، فقال : خذها بارك الله لك فيها ، فبارك الله عز وجل لي فيها قد أعتقت غير واحد منها ، فاستأذنته ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إني أريد أن تأذن لي أن آتي العراق ، قال : أما إذ كاتبتك فاذهب حيث شئت ، فأراد موال لبني غفار أن يصحبوني ، فقالوا : كلم أمير المؤمنين أن يكتب لنا كتابا نكرم به ، قال : وقد علمت أنه سيكره ذلك ، فكلمته ، فانتهرني ، وما انتهرني قبلها ، فقال : أتريد أن تظلم الناس ، أنت أسوة المسلمين ، فخرجت ، فلما قدمنا جئت معي بنمط وطنفسة ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، هذان هدية لك ، فنظر إليهما ، فأعجباه ، ثم ردهما علي ، وقال : إنه قد بقيت بقية من مكاتبتك ، فاستعن بهما في مكاتبتك .
[ ص: 170 ] قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث عن عمر ما قد دل على أنه لم يضع عنه من مكاتبته شيئا .
ووجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال : حدثنا سعيد بن عامر الضبعي ، عن جويرية بن أسماء ، عن مسلم بن أبي مريم ، عن عبد لعثمان رضي الله عنه قال : بعثني عثمان أمير المؤمنين في تجارة ، فقدمت عليه ، فأحمد ولايتي ، فقمت إليه ذات يوم ، فقلت : إني أريد الكتابة ، فقطب ، ثم قال : نعم ، ولولا آية في كتاب الله عز وجل ما فعلت ، أكاتبك على مائة ألف درهم على أن تعدها لي في عدتين ، والله لا أغضك منهما درهما ، فخرجت من عنده ، فتلقاني الزبير بن العوام رضي الله عنه ، فقال : ما الذي أرى بك ؟ قلت : كان أمير المؤمنين بعثني في تجارة ، فقدمت عليه ، فأحمد ولايتي ، فقمت إليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أسألك الكتابة ، فقطب ، ثم قال : لولا آية في كتاب الله عز وجل ما فعلت ، أكاتبك على مائة ألف درهم على أن تعدها لي في عدتين ، والله لا أغضك منها درهما ، قال : ارجع ، فدخل عليه ، فقام قائما ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فلان كاتبه ، فقطب ، ثم قال : نعم ، ولولا آية في كتاب الله عز وجل ما فعلت ، أكاتبه على مائة ألف على أن يعدها لي في عدتين ، والله لا [ ص: 171 ] أغضه منهما درهما ، فغضب الزبير ، وقال : والله لأمثلن بين يديك ، فإنما أطلب إليك حاجة تحول دونها بيمين ، وقال بيده هكذا كاتبه ، فكاتبته ، فانطلق بي الزبير إلى أهله ، فأعطاني مائة ألف ، وقال : انطلق ، فاطلب فيها من فضل الله ، فإن غلبك أمر فأد إلى عثمان ما له منها ، فانطلقت ، فطلبت فيها من فضل الله ، فأديت إلى الزبير ماله وإلى عثمان ماله ، وفضلت في يدي ثمانون ألفا .
قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث حلف عثمان أن لا يغض عن مكاتبه هذا مما كاتبه عليه درهما ، ووقوف الزبير على ذلك منه ، وتركه خلافه فيه ، ففي ذلك ما قد دل على أن قول الله عز وجل في هذه الآية : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم لم يكن عندهما على وضع شيء من المكاتبة عن مكاتبه .
ووجدنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قد حدثنا قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول في قول الله عز وجل : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم [ ص: 172 ] ، قال : حث الناس على ذلك .
قال أبو جعفر : وفي ذلك ما قد دل على ما ذكرناه في هذا الباب أن ذلك على الحض ، لا على الوجوب ، لأنه لما كان الناس غير المتكاتبين قد أريد ذلك منهم ، لا على أنه واجب عليهم ، كان كذلك المكاتبون أريد ذلك منهم ، لا على الوجوب عليهم ، ولما اختلف في ذلك على ما ذكرنا ، كان الأولى مما قد قيل فيه ما قد وافق ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عمن قد ذكرنا من أصحابه ، والله نسأله التوفيق .


