[ ص: 164 ] 238 - باب بيان مشكل ما { روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لمن كان دعاه وهو يصلي فلم يجبه حتى فرغ من صلاته ، ثم أتاه مجيبا له بقوله : ما منعك أن تجيبني ؟ قال : كنت أصلي . قال : أفلم تجد فيما أنزل الله عز وجل علي : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم .
قد ذكرنا مما يدخل في هذا الباب في باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراد بقول الله عز وجل : ولقد آتيناك سبعا من المثاني ، وحديث أبي سعيد بن العلاء الذي يدخل في هذا الباب .
1510 - وقد حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا أبو غسان محمد بن المطرف ، قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة ، عن أبيه ، { عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب وهو يصلي ، فقال : يا أبي ، فالتفت أبي فلم يجبه ، ثم صلى فخفف ، ثم [ ص: 165 ] انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ، ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك ؟ قال : يا رسول الله ، كنت في الصلاة . قال : أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولا أعود إن شاء الله } .
1511 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا محمد بن عثمان العثماني ، قال : حدثنا الدراوردي ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... مثله .
قال أبو جعفر : ففيما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إيجابه على من دعاه وهو يصلي إجابته وترك صلاته ، وأن ذلك أولى به من تماديه في صلاته بما يلام عليه مما أنزله الله عز وجل عليه ، إذ كان المصلي قد يقدر أن يخرج من صلاته إلى الفضل الذي يصيبه في إجابته رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاه .
[ ص: 166 ] فقال قائل : أفيدخل في ذلك إجابة الرجل أمه إذا دعته وهو يصلي ؟
فكان جوابنا له بتوفيق الله وعونه ، أن ذلك غير مستنكر أن يكون كذلك ؛ لأنه قد يستطيع ترك صلاته وإجابته لأمه لما عليه أن يجيبها فيه ، والعود إلى صلاته ؛ ولأن صلاته إذا فاتت قضاها ، وبره أمه إذا فات لم يستطع قضاءه ، وقد دلك على ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جريج الراهب .
1512 - كما حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز . قال : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { نادت امرأة ابنها وهو في صومعة ، قالت : يا جريج قال : اللهم أمي أو صلاتي ؟ قالت : يا جريج . قال : اللهم أمي أو صلاتي ؟ حتى كان ذلك منها ثلاث مرات . قالت : اللهم لا يمت جريج حتى ينظر في وجهه الميامس ، وكان يأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم ، فولدت فقيل لها : ممن هذا الولد ؟ قالت : من جريج ، فنزل من صومعته . قال : جريج أين هذه [ ص: 167 ] التي تزعم أن ولدها لي ؟ قال : يا بابوس ، من أبوك ؟ قال : أبي راعي الغنم } .
قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث أن جريجا عوقب بترك إجابة أمه لما دعته وهو يصلي وتماديه في صلاته بأن عوقب بما عوقب به من أجل ذلك ، فدل ذلك أن إجابته أمه والعود إلى صلاته بعد ذلك كان أفضل له من التمادي في صلاته وتركه إجابته أمه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .


