[ ص: 520 ] 789 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقضي بين المختلفين في الرقبة المؤمنة ، هل يجزئ فيها من لم يصم ولم يصل ، ممن قد أقر بالإيمان أم لا ؟
قال أبو جعفر : قد روي عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي في هذا المعنى .
ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود ، عن أبي حرة ، قال : سمعت الحسن يقول : ما كان من رقبة مؤمنة فلا يجزئ فيها إلا من صام وصلى ، وما كان من رقبة غير مؤمنة أجزأ فيها الصغير .
وحدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عبد الحميد بن صالح ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : لا يجوز في كفارة القتل إلا رقبة قد صامت [ ص: 521 ] وصلت ، ويجزئ في الظهار وفي اليمين ما لم يصم ولم يصل .
قال أبو جعفر : فكان من دونهما من فقهاء الأمصار يقولون : يجزئ في الرقبة المؤمنة من أقر بالإيمان ، وإن لم يصم ولم يصل ، ومن استحق أنه من أهل الإيمان بإيمان أبويه ، وإن لم يكن صام ولا صلى ، وكان القاضي بينهم في ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .
4990 - وهو ما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو داود .
وما قد حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد قالا : حدثنا المسعودي ، قال : أخبرني عون بن عبد الله بن عتبة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي هريرة : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية عجماء لا تفصح ، فقال : إن علي رقبة مؤمنة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين الله - عز وجل - فأشارت إلى السماء ، فقال لها : من أنا ، فأشارت إلى السماء ، فقال رسول الله : اعتقها ، وقال المسعودي مرة : اعتقها فإنها مؤمنة ، هكذا لفظ بكار . وأما لفظ الربيع ، فقال لها : من أنا ، فأشارت إليه وإلى السماء ، أي أنت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة .
[ ص: 522 ]
4991 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن أمي جعلت عليها رقبة مؤمنة أن تعتقها وهذه أمة سوداء ، فسألها رسول الله : أين الله - عز وجل - قالت : في السماء ، قال : فمن أنا ، قالت : أنت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة .
4992 - وما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه .
وما قد حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا مالك ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار [ ص: 523 ] عن عمر بن الحكم أنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إن جارية لي كانت ترعى غنما لي ، فجئتها ، وفقدت شاة من الغنم ، فسألتها عنها ، فقالت : أكلها الذئب فأسفت عليها ، وكنت امرأ من بني آدم ، فلطمت وجهها وعلي رقبة ، أفأعتقها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين الله - عز وجل ؟ فقالت : في السماء ، فقال : من أنا ، فقالت : أنت رسول الله ، فقال : اعتقها .
[ ص: 524 ] سمعت المزني يقول : قال الشافعي : مالك سمى هذا الرجل عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم .
4993 - ، أخبرنا يونس ، قال : أخبرنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني هلال بن أبي ميمونة ، قال : حدثني عطاء بن يسار ، قال : [ ص: 525 ] حدثني معاوية بن الحكم السلمي ، قال : كانت لي جارية ترعى غنيمة لي قبل أحد والجوانية ، فاطلعتها فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة ، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون ، فصككتها صكة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فعظمه علي ، قال : فقلت : أفلا أعتقها ؟ قال : ادعها لي ، فدعوتها ، فقال : أين الله - عز وجل ؟ قالت : في السماء ، قال : فمن أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : إنها مؤمنة فأعتقها .
4994 - وما قد حدثنا محمد بن ميمون البغدادي ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن هلال بن أبي أمية [ ص: 526 ] عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم السلمي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .
ففي ما ذكرنا من هذه الروايات ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على صحة ما قال المتأخرون من القولين اللذين ذكرناهما في هذا الباب ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .


