3432 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا حكيم بن سيف ( ح ) . وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، قالا : حدثنا بقية بن الوليد ، عن الوضين بن عطاء ، عن محفوظ بن علقمة الحضرمي ، عن عبد الرحمن بن عائذ الأسدي ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن العين وكاء الست ، فمن نام فليتوضأ .
[ ص: 56 ] قال أبو جعفر : هكذا يحدث بهذا الحديث كل من لقيناه من أهل الحديث يقولون : هو وكاء الست ، وأما أهل العربية ، فيخالفونهم في ذلك ، ويقولون وكاء السه ، وكذلك ذكر لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، قال أبو عبيد : قوله : السه : حلقة الدبر ، والوكاء أصله هو الخيط ، أو السير الذي يشد به رأس القربة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عنه في ذلك - يعني : حديث علي رضي الله عنه الذي ذكرناه - اليقظة للعين مثل الوكاء للقربة ، يقول : فإذا نامت استرخى ذلك الوكاء ، فكان منه الحدث ، قال : وقال الشاعر في السه :
شأتك قعين غثها وسمينها وأنت السه السفلى إذا دعيت نصر
[ ص: 57 ] وقال أبو عبيد : نصر : قبيلة من بني أسد ، قال : وقال آخر :ادع فعيلا باسمها لا تنسه إن فعيلا هي صئبان السه
وقد دل على هذا المعنى أيضا .
3433 - ما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى . 3434 - وما قد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي ، وسليمان بن عبد الله الرقي قالوا : حدثنا بقية بن الوليد ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، قال الربيع في حديثه : قال : حدثني [ ص: 58 ] عطية بن قيس الكلابي ، وقال أبو أمية في حديثه : عن عطية بن قيس ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن معاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما العينان وكاء السه ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء .
[ ص: 59 ] قال أبو جعفر : وقد دل على ذلك أيضا .
3435 - ما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالك بن أنس حدثه ( ح ) ، وما قد حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا نعس أحدكم في صلاته ، فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه .
3436 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 60 ]
3437 - وما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وحدثني يحيى بن عبد الله بن سالم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
3438 - وما قد حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا بشر بن هلال ، قال : حدثنا عبد الوارث - يعني : ابن سعيد التنوري - ، عن أيوب ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف ، لعله يدعو على نفسه وهو لا يدري .
قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث ما قد دل أن الرجل قد يصلي وهو ناعس ، ومثل ذلك أيضا .
3439 - ما قد حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد الطويل ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحبل ممدود [ ص: 61 ] بين ساريتين في المسجد ، فقال : ما هذا الحبل ؟ فقالوا : فلانة تصلي ، فإذا خشيت أن تغلب أخذت به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فلتصل ما عقلت ، فإذا غلبت فلتنم .
فكان في قوله صلى الله عليه وسلم : لتصل ما عقلت ، ما قد دل أنها قد تصلي وقد خالطها النوم ، وإن كان مما لا يغلبها ، فدل ذلك أنه ليس ينقض من النوم الوضوء إلا ما كان معه استرخاء المفاصل على ما في حديث ابن عباس الذي رواه عنه أبو العالية ، وهو الحديث الذي ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب .
[ ص: 62 ] فقال قائل : فقد روى صفوان بن عسال المرادي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالف ذلك .
3440 - فذكر ما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، قال : قلت لصفوان بن عسال : حك في نفسي ، أو في صدري مسح على الخفين بعد الغائط والبول ، فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ؟ قال : نعم ، كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين أن لا ننزع ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من غائط وبول ونوم .
3441 - وما قد حدثنا الربيع ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا سفيان وحماد بن زيد وأبو الأحوص ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، [ ص: 63 ] عن صفوان بن عسال ، قال : كنا إذا كنا مسافرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، لكن من الغائط والنوم والبول .
قال : ففي هذا الحديث ما قد دل على أن النوم ينقض الوضوء بأي حال ما كان .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه قد يحتمل أن يكون ذلك النوم الذي يكون معه استطلاق الوكاء ، واسترخاء المفاصل حتى يتفق هذا الأثر والآثار التي ذكرناها قبله ، ولا يضاد بعضها بعضا ، والدليل على صحة هذا التأويل ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه ، وفيما بعده في ذلك .
3442 - كما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء الآخرة ذات ليلة حتى نام القوم ، ثم استيقظوا فجاء عمر ، فقال : يا رسول الله ، الصلاة الصلاة ، قال : فصلوا ، ولم يذكر أنهم توضؤوا .
[ ص: 64 ]
3443 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : أقيمت صلاة العشاء الآخرة ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن لي حاجة ، فقام معه يناجيه حتى نعس بعض القوم ، ثم جاء فصلى ، ولم يذكر أنهم توضؤوا .
[ ص: 65 ]
3444 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا نأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ننتظر الصلاة ، فمنا من ينعس وينام ، أو ينعس ثم يصلي ولا يتوضأ .
3445 - وكما حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : أقيمت صلاة العشاء ، فقام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يكلمه حتى نعس بعض القوم أو القوم ثم صلوا ، ولم يتوضؤوا .
3446 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث ، [ ص: 66 ] قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، عن حميد ، عن أنس ، قال : أقيمت صلاة العشاء ذات ليلة ، فعرض رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه في حاجة هويا من الليل ، حتى نعس بعض القوم ، فجاء فصلى بهم .
3447 - وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا حرمي بن حفص ، قال : حدثنا الفرات بن أبي الفرات ، قال : حدثنا عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنمت ، واستيقظت ، ثم نمت ، واستيقظت ، فقام رجل من المسلمين ، فقال : الصلاة الصلاة ، فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يقطر - قال : وأظن الرجل عمر رضي الله عنه - فصلى بنا ، وقال : لولا أن أشق على أمتي ، لأحببت أن يصلوا هذه الصلاة هذه الساعة .
[ ص: 67 ]
3448 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ، ولا يتوضؤون .
وكما حدثنا صالح ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن مجاهد قال : كان ابن عمر إذا طلع الفجر صلى ركعتين ، ثم يحتبي ، ونحن حوله ، فإن رآه أحد منا نعس ، حركه ، وكان ينعس وهو محتب ، ثم تقام الصلاة فينهض فيصلي .
[ ص: 68 ]
وكما حدثنا صالح ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يقول : من نام وهو قاعد فلا وضوء عليه .
وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر كان إذا نام قاعدا لم يتوضأ ، وإذا نام مضطجعا توضأ .
وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا خالد بن إلياس ، عن محمد وأبي بكر ابني المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : من نام وهو قاعد فلا وضوء عليه ، [ ص: 69 ] ومن نام مضطجعا فعليه الوضوء .
قال : فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته قد كانوا في النوم على ما قد ذكرناه عنهم في هذه الآثار قولا وفعلا بلا اختلاف منهم فيه ، أنه لا ينقض وضوؤهم إلا في خاص من النوم ، والأولى في ذلك أن يكون ذلك الخاص هو الذي خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ووصفه باسترخاء المفاصل الذي لا يكون معه ضبط النائم لنفسه عن الأسباب التي تنقض وضوءه ، ومعقول مع ذلك أن القائم والقاعد والساجد معدوم ذلك منهم ، وأن المضطجع موجود ذلك فيه .
وإذا كان ذلك كذلك لم ينتقض وضوؤه إلا بتلك الحال حتى لا يخرج عن شيء مما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عن أصحابه في هذا الباب رضوان الله عليهم .
فقال قائل : فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ما يخالف ما قد رويته في هذا الباب .
فذكر ما قد .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري . [ ص: 70 ] وما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أنبأنا الجريري ، ثم اجتمعا فقالا : عن خالد بن غلاق ، عن أبي هريرة ، أنه قال : من استحق النوم ، فقد وجب عليه الوضوء .
والذي نحفظه في خالد هذا ، عن كل من حدثنا هذا الحديث كما ذكرناه : ابن علاق بالعين ، وقد ذكر البخاري ومحمد بن سعد أنه غلاق ، وذكر محمد خاصة أنه عيشي ، والله أعلم بحقيقة اسمه .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن ما قاله أبو هريرة مما ذكرناه عنه في هذا الحديث غير مخالف لما في الأحاديث الأول ; لأن الذي فيه عنه هو قوله : من استحق النوم فقد وجب عليه الوضوء ، فقد يجوز أن يكون استحقاق النوم عنده هو الذي معه استرخاء المفاصل ، وذلك أولى ما حمل عليه ليوافق قوله في ذلك [ ص: 71 ] أقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سواه .
ومما يحقق ما ذكره في استرخاء المفاصل أن السقوط يكون مع ذلك ، وما لا يكون السقوط معه فبخلاف ذلك ، وما كان مما معه السقوط إلى الأرض فصاحبه في حكم النائم على الأرض ، فمعقول أن عليه الوضوء ، والله عز وجل نسأله التوفيق .
[ ص: 72 ]


