553 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزام عبد الله بن المغفل الجراب الشحم الذي دلي يوم خيبر ، ومن قوله مع ذلك : لا أعطي بعد اليوم منه شيئا ، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك
3449 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا بشر بن عمر ووهب بن جرير قالا : حدثنا شعبة ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن مغفل قال : كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم ، فنزوت لآخذه ، فالتفت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستحييت منه .
[ ص: 73 ] قال أبو جعفر : وأتينا بهذا الحديث ، وإن كان ليس فيه المعنى الذي ترجمنا هذا الباب به ; لأن لا يظن أحد أنه سقط عنا من حديث شعبة .
3450 - وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا شيبان بن فروخ ، قال : حدثنا سليمان بن المغيرة ، قال : حدثنا حميد بن هلال ، عن عبد الله بن مغفل ، قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر ، فالتزمته ، فقلت : لا أعطي أحدا اليوم من هذا شيئا ، فالتفت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم .
3451 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن مغفل قال : دلي جراب من شحم يوم خيبر ، فالتزمته ، فقلت : لا أعطي أحدا اليوم من هذا شيئا ، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتبسم إلي .
[ ص: 74 ] فقال قائل : كيف تروون مثل هذا ، وقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف هذا .
3452 - فذكر ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن بديل بن ميسرة العقيلي ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل من بلقين ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بوادي القرى ، فقلت : يا رسول الله ، لمن المغنم ؟ فقال : لله عز وجل سهم ، ولهؤلاء أربعة أسهم ، فقلت : فهل أحد أحق بشيء من المغنم من أحد ؟ قال : لا ، حتى السهم يأخذه أحدكم من جنبه ، فليس بأحق به من أخيه .
قال : ففي هذا الحديث ، أن المسلمين جميعا شركاء في الغنيمة ، [ ص: 75 ] وأن بعضهم ليس بأولى بشيء منها من بقيتهم ، وحديث ابن المغفل الذي رويتموه مخالف لهذا .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن احتجاجه علينا بهذا الحديث قد بان جهله بصحيح الحديث من فاسده ، وأنه ممن لا تمييز معه بينهما ; لأن هذا الحديث ، وإن كان حماد بن سلمة قد رواه عن بديل بن ميسرة ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل من بلقين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فاحتمل ذلك ، وإن كان راويه غير مسمى لقاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه عنه ، فإن ابن المبارك رواه عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل ، عن رجل من بلقين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3453 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل ، عن رجل من بلقين ، ثم ذكر هذا الحديث .
فعاد الحديث إلى رجل مجهول بين هذا الصحابي ، وبين عبد الله بن شقيق ، فوجب أن لا يحتج بمثله .
[ ص: 76 ] وبعد هذا ، فإن الذي كان من ابن المغفل إنما كان في طعام من الغنيمة ، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطعام من الغنيمة على .
3454 - ما قد حدثناه سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا أبي ، عن أبي يوسف ، قال : حدثنا أبو إسحاق الشيباني ، عن محمد بن أبي المجالد ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر يأتي أحدنا إلى الطعام من الغنيمة فيأخذ منه حاجته .
3455 - وما قد حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد الفارسي ، قال : حدثنا علي بن المديني ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع ، [ ص: 77 ] عن ابن عمر قال : كنا نصيب في مغازينا - فذكر العنب والعسل - فنأكله ، ولا نرفعه .
قال أبو جعفر : وإذا كان واسعا أخذ ما تقدمت غنيمة المسلمين إياه حتى يستأثروا به لحاجتهم إليه ، وحتى يأكلوه دون من سواهم من أهل الغنيمة ممن لا حاجة به إليه ، أو ممن قد استأثر بمثله لحاجته إليه ، كان ما كان من ابن المغفل مما لم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذه بيده ، ومن قوله بلسانه أوسع ، وكانت الإباحة له في ذلك أكثر ، فأما ما سوى ذلك مما يدخل في حديث البلقيني فهو مما لا حاجة بالمرمي إليه ، وأما إن احتاج إليه ليرمي به من رماه به أو من سواه من عدوه ، فحبسه إياه لذلك طلق له ، فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في هذين الحديثين ، ولا اختلاف ، والله عز وجل نسأله التوفيق .


