والمنتقصون لعلي من أهل البدع طوائف : طائفة تكفره كالخوارج ، وهؤلاء يكفرون معه عثمان وجمهور المسلمين ، فيثبت أهل السنة إيمان علي ووجوب موالاته بمثل ما يثبتون به [1] .
إيمان عثمان ووجوب موالاته .
وطائفة يقولون : إنه وإن كان [2] . . .
أفضل من معاوية ، . لكن كان معاوية مصيبا في قتاله ، ولم يكن علي مصيبا في قتال معاوية . وهؤلاء كثيرون كالذين قاتلوه مع معاوية ، وهؤلاء يقولون - أو جمهورهم - : إن عليا لم يكن إماما مفترض الطاعة [3] .
لأنه لم تثبت خلافته بنص ولا إجماع .
وهذا القول قاله طائفة أخرى ممن يراه أفضل من معاوية ، وأنه أقرب إلى الحق من معاوية ، ويقولون : إن معاوية لم يكن مصيبا في قتاله ، لكن يقولون مع ذلك : إن الزمان كان زمان فتنة وفرقة ، لم يكن هناك إمام جماعة ولا خليفة .
وهذا القول قاله كثير [4] .
من علماء أهل الحديث البصريين والشاميين والأندلسيين وغيرهم . وكان بالأندلس كثير من بني أمية يذهبون إلى هذا القول ، ويترحمون على علي ، ويثنون عليه ، لكن يقولون : لم يكن [ ص: 402 ] خليفة ، وإنما [5] .
الخليفة من اجتمع الناس عليه [6] .
ولم يجتمعوا [7] .
على علي ، وكان من هؤلاء من يربع بمعاوية في خطبة [8] .
الجمعة ، فيذكر الثلاثة ويربع بمعاوية ، ولا يذكر عليا ، ويحتجون بأن معاوية اجتمع عليه الناس [9] .
[ بالمبايعة ] [10] .
لما بايعه الحسن ، بخلاف علي فإن المسلمين لم يجتمعوا عليه [11] .
، ويقولون لهذا : ربعنا بمعاوية [12] .
، لا لأنه أفضل من علي ، بل علي أفضل منه ، كما أن كثيرا من الصحابة أفضل من معاوية وإن لم يكونوا خلفاء .
وهؤلاء قد احتج عليهم الإمام أحمد وغيره بحديث سفينة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا " وقال أحمد : من لم يربع بعلي في الخلافة [13] .
فهو أضل من حمار أهله . وتكلم بعض هؤلاء في أحمد بسبب هذا الكلام ، وقال : قد أنكر خلافته من الصحابة طلحة [14] .
والزبير وغيرهما ممن لا يقال [15] .
فيه هذا [ ص: 403 ] [ القول ] [16] .
. واحتجوا بأن أكثر الأحاديث التي فيها ذكر خلافة النبوة لا يذكر فيها إلا الخلفاء الثلاثة .
مثل ما روى الإمام أحمد في مسنده عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما : " أيكم رأى رؤيا ؟ " فقلت : أنا يا رسول الله ، رأيت كأن ميزانا دلي من السماء فوزنت بأبي بكر [17] .
فرجحت بأبي بكر ، ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر ، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر [ بعثمان ] [18] .
ثم رفع الميزان . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء " [19] . .
وروى أبو داود حديثا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر " . قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه [20] \ 491 .
" .
وروى أبو داود من حديث سمرة بن جندب أن رجلا قال [21] .
: يا رسول [ ص: 404 ] الله رأيت كأن دلوا دلي من السماء ، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها ، فشرب شربا ضعيفا ، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ، ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت [22] .
فانتضح [23] .
عليه منها [24]
شيء [25] .
.
وروي عن الشافعي وغيره أنهم قالوا : الخلفاء ثلاثة : أبو بكر وعمر وعثمان .


