فصل : وأما المروءة فقد ذكرنا ما يعتبر فيها من المروءة في العدالة وما لا يعتبر . وليس لما لا يعتبر منها تأثير .  
وأما المعتبر منها ، فهو ظاهر في أفعال العدل . فإن عرفه الحاكم عمل فيها بمعرفته . وإن خفيت عليه سأل عنها .  وهل تثبت عنده بخبر أو شهادة ؟   على وجهين :  
أحدهما : لا تثبت عنده . إلا بشهادة ، كالعدالة في الدين ، ولا تثبت إلا بشاهدي عدل قد جرباه على قديم الوقت وحديثه .  
والوجه الثاني : أنها خبر تثبت بقول من يوثق به وإن كان واحدا ، لأن العدالة في الدين باعثة عليها . فقوي الخبر بها فأقنع .  
 [ ص: 157 ] وأما كونه من أهل العدالة في الدين فتكون بأربعة أشياء :  
ببلوغه ، وعقله ، وإسلامه ، وحريته      .  
فأما البلوغ ، فإن لم يشتبه حاله فيه لكونه رجلا مشتدا فهو مقطوع به ، وإن اشتبهت حاله فيه ، لكونه رجلا أمرد ، فحكم بحكم الحاكم ببلوغه يكون من أحد أربعة أوجه :  
أحدها : أن يظهر عليه شواهد البلوغ بالإثبات ، إذا جعل الإثبات في المسلم بلوغا .  
والثاني : أن يعرف الحاكم سنه فيحكم ببلوغه إذا استكمل سن البلوغ .  
والثالث : أن يشهد ببلوغه شاهدا عدل فيحكم ببلوغه إذا استكمل سن البلوغ فتكون شهادة لا خبرا .  
والرابع : أن يقول الغلام : قد بلغت فيحكم ببلوغه فتكون شهادة بقوله ، لأنه قد يبلغ بالاحتلام الذي لا يعلم إلا من جهته ، لأنه قد تتغلظ أحكامه بتوجه التكليف إليه فكان غير متهم فيه .  
وأما العقل فيعلم مشاهدة بظهور نتائجه ، ولا يحتاج إلى بينة إن خفي لإمكان اختباره مع الاشتباه .  
حكي أن امرأة حضرت عند  شريح   في محاكمة ، فقيل له : إنها مجنونة . فقال لها مختبرا : أي رجليك أطول ؟  
فمدتهما لتقدرهما ، فصرفها وحكم بعقلها     .  
				
						
						
