[ ص: 281 ] باب الاستثناء في الأيمان
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ومن حلف بأي يمين كانت ثم قال إن شاء الله موصولا بكلامه فقد استثنى " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، الاستثناء بمشيئة الله في الأيمان والنذور يمنع من انعقادها ، وتسقط حكمها في الإثبات والنفي ، سواء كانت اليمين بالله تعالى أو بالطلاق والعتق .
وقال مالك : يصح الاستثناء في اليمين بالله ، ولا يصح في الطلاق والعتق والنذور ، وقد مضى الكلام معه في كتاب الطلاق ، ومن الدليل عليه رواية أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من حلف على يمين فقال : إن شاء الله فقد استثناه .
وروى طاوس عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من حلف على يمين فقال : إن شاء الله لم يحنث ، فكان ذلك على عمومه في كل يمين ؛ ولأنه لما جاز تعليق جميع الأيمان من عتق ، وطلاق ، وغيره بالشروط والصفات ، كان تعليقها بمشيئة الله تعالى أولى ، ومشيئة الله غير معلومة فيها ، فلم تنعقد ، كما لو قال : والله لا دخلت الدار إن شاء زيد ، أو قال لزوجته : أنت طالق إن شاء عمرو ، أو قال لعبده : أنت حر إن شاء بكر ، ولم تعلم مشيئتهم حتى ماتوا سقطت أحكام هذه كلها لعدم العلم بها .
فإن قيل : فإن الله تعالى يشاء العتق .
قيل : قد يجوز أن يشاءه في الحال ، ويجوز أن لا يشاءه ، وقد يجوز أن يشاء الطلاق : لأنه قد أباحه ، والمباح داخل في مشيئته .


