[ ص: 128 ] النوع الرابع والعشرون
معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه
اعلم أن طرق نقل الحديث وتحمله على أنواع متعددة ، ولنقدم على بيانها بيان أمور :
أحدها : يصح التحمل قبل وجود الأهلية ، فتقبل رواية من تحمل قبل الإسلام وروى بعده ، وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده .
ومنع من ذلك قوم فأخطئوا ؛ لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن بن علي ، وابن عباس ، وابن الزبير ، والنعمان بن بشير ، وأشباههم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وما بعده ، ولم يزالوا قديما وحديثا يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ، ويعتدون بروايتهم لذلك ، والله أعلم .
الثاني : قال أبو عبد الله الزبيري : " يستحب كتب الحديث في العشرين ؛ لأنها مجتمع العقل " . قال : " وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض " .
وورد عن سفيان الثوري قال : " كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبد قبل ذلك عشرين سنة " .
وقيل لموسى بن إسحاق : " كيف لم تكتب عن أبي نعيم ؟ " [ ص: 129 ] فقال : " كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة " . وقال موسى بن هارون : " أهل البصرة يكتبون لعشر سنين ، وأهل الكوفة لعشرين ، وأهل الشام لثلاثين " ، والله أعلم .
قلت : وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه بسماعه ، وأما الاشتغال بكتبه الحديث ، وتحصيله ، وضبطه ، وتقييده ، فمن حين يتأهل لذلك ويستعد له ، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، وليس ينحصر في سن مخصوص ، كما سبق ذكره آنفا عن قوم ، والله أعلم .


