[ ص: 199 ] كتاب إحياء الموات 
قال : ( الموات ما لا ينتفع به من الأراضي لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة ) سمي بذلك لبطلان الانتفاع به . 
قال : ( فما كان منها عاديا لا مالك له أو كان مملوكا في الإسلام لا يعرف له مالك بعينه ، وهو بعيد من القرية بحيث إذا وقف إنسان من أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه فهو موات ) قال رضي الله  عنه : هكذا ذكره  القدوري    ; ومعنى العادي ما قدم خرابه . 
والمروي عن  محمد  رحمه الله أنه يشترط أن لا يكون مملوكا لمسلم أو ذمي مع انقطاع الارتفاق بها ليكون ميتة مطلقا . فأما التي هي مملوكة لمسلم أو ذمي لا تكون مواتا ، وإذا لم يعرف مالكه يكون لجماعة المسلمين ، ولو ظهر له مالك يرد عليه ويضمن الزارع نقصانها ، والبعد عن القرية على ما قال شرطه  أبو يوسف    ; لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه فيدار الحكم عليه . 
 ومحمد  رحمه الله اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة ، وإن كان قريبا من القرية كذا ذكره الإمام المعروف بخواهر زاده  ، وشمس الأئمة السرخسي  رحمه الله اعتمد على ما اختاره  أبو يوسف  رحمه الله ( ثم من أحياه بإذن الإمام  ملكه ، وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند  أبي حنيفة  رحمه الله  ، وقالا : يملكه ) لقوله  [ ص: 200 ] عليه الصلاة والسلام : { من أحيا أرضا ميتة  فهي له   }" ولأنه مال مباح سبقت يده إليه فيملكه كما في الحطب والصيد .  [ ص: 201  -  202 ]  ولأبي حنيفة  رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام : { ليس للمرء إلا ما طابت نفس إمامه به   }" وما روياه يحتمل أنه إذن لقوم لا نصب لشرع ، ولأنه مغنوم لوصوله إلى يد المسلمين بإيجاف الخيل والركاب فليس لأحد أن يختص به بدون إذن الإمام كما في سائر الغنائم ويجب فيه العشر ; لأن ابتداء توظيف الخراج على المسلم لا يجوز إلا إذا سقاه بماء الخراج ; لأنه حينئذ يكون إبقاء الخراج على اعتبار الماء ، فلو أحياها ثم تركها فزرعها غيره  فقد قيل : الثاني أحق  [ ص: 203 ] بها ; لأن الأول ملك استغلالها لا رقبتها ، فإذا تركها كان الثاني أحق بها ، والأصح أن الأول ينزعها من الثاني ; لأنه ملكها بالإحياء على ما نطق به الحديث ; إذ الإضافة فيه فاللام التمليك وملكه لا يزول بالترك ، ومن أحيا أرضا ميتة ثم أحاط الإحياء بجوانبها الأربعة من أربعة نفر على التعاقب  فعن  محمد  رحمه الله أن طريق الأول في الأرض الرابعة لتعينها لتطرقه وقصد الرابع إبطال حقه . 
     	
		 [ ص: 199 ] 
				
						
						
