قال : ( وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله [ ص: 355 ] ويجبر على الإسلام ولا يقتل ، وإسلامه إسلام من لا يرث أبويه إن كانا كافرين . وقال أبو يوسف : ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام ) وقال زفر والشافعي رحمهما الله: إسلامه ليس بإسلام وارتداده ليس بارتداد ، لهما في الإسلام أنه تبع لأبويه فيه فلا يجعل أصلا ، ولأنه يلزمه أحكاما تشوبها المضرة فلا يؤهل له . ولنا فيه : { أن عليا رضي الله عنه أسلم في صباه وصحح النبي عليه الصلاة والسلام إسلامه }وافتخاره بذلك مشهور ، ولأنه أتى بحقيقة الإسلام وهي التصديق والإقرار معه لأن الإقرار عن طوع دليل على الاعتقاد على ما عرف والحقائق لا ترد ، وما يتعلق به سعادة أبدية ونجاة عقباوية وهي من أجل المنافع ، وهو الحكم الأصلي ثم يبتنى عليه غيرها فلا يبالى بشوبه ، ولهم في الردة : أنها مضرة محضة بخلاف الإسلام على أصل أبي يوسف رحمه الله لأنه تعلق به أعلى المنافع على ما مر ، ولأبي حنيفة ومحمد رحمهما اللهفيها أنها موجودة حقيقة ولا مرد للحقيقة كما قلنا في الإسلام ، إلا أنه يجبر على الإسلام لما فيه من النفع له ولا يقتل لأنه عقوبة والعقوبات موضوعة عن الصبيان مرحمة [ ص: 356 ] عليهم ، وهذا في الصبي الذي يعقل ، ومن لا يعقل من الصبيان لا يصح ارتداده [ ص: 357 ] لأن إقراره لا يدل على تغير العقيدة ، وكذا المجنون والسكران الذي لا يعقل ، والله أعلم بالصواب . .
[ ص: 352 - 354 ]


