قال : ( وإذا كانت جارية بين رجلين زعم أحدهما أنها أم ولد لصاحبه ، وأنكر ذلك الآخر  فهي موقوفة يوما ويوما تخدم المنكر عند  أبي حنيفة  رحمه الله  ، وقالا : إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ، ثم تكون حرة لا سبيل عليها ) . 
لهما أنه لما لم يصدقه صاحبه انقلب إقرار المقر عليه ، كأنه استولدها فصار كما إذا أقر المشتري على البائع أنه أعتق المبيع قبل البيع يجعل كأنه أعتق ، كذا هذا فتمتنع الخدمة ونصيب المنكر على ملكه في الحكم ، فتخرج إلى الإعتاق بالسعاية كأم ولد النصراني إذا أسلمت  ولأبي حنيفة  رحمه الله : أن المقر لو صدق كانت الخدمة كلها للمنكر ، ولو كذب كان له نصف الخدمة فيثبت ما هو المتيقن به وهو النصف ، ولا خدمة للشريك الشاهد ولا استسعاء ; لأنه يتبرأ عن جميع ذلك بدعوى الاستيلاد والضمان ، والإقرار بأمومية الولد يتضمن الإقرار بالنسب ، وهذا أمر لازم لا يرتد بالرد فلا يمكن أن يجعل المقر كالمستولد ( وإن كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما ، وهو موسر  فلا ضمان عليه عند  أبي حنيفة  رحمه الله  ، وقالا : يضمن نصف قيمتها ) لأن مالية أم الولد غير متقومة عنده ، ومتقومة عندهما ، وعلى هذا الأصل تبتنى عدة من المسائل أوردناها في كفاية المنتهى . 
وجه قولهما : أنها منتفع بها وطئا وإجارة واستخداما ، وهذا هو دلالة التقوم وبامتناع بيعها لا يسقط تقومها كما في المدبر ، ألا ترى أن ولد أم النصراني إذا أسلمت عليها السعاية وهذا آية التقوم غير أن قيمتها ثلث قيمتها قنة على ما قالوا ، لفوات منفعة البيع بالسعاية بعد الموت ، بخلاف المدبر لأن للفائت منفعة البيع . 
 [ ص: 27 ] أما السعاية والاستخدام فباقيان  ولأبي حنيفة  رحمه الله أن التقوم بالإحراز ، وهي محرزة للنسب لا للتقوم ، والإحراز للتقوم تابع ، ولهذا لا تسعى لغريم ولا لوارث بخلاف المدبر ، وهذا لأن السبب فيها متحقق في الحال ، وهو الجزئية الثابتة بواسطة الولد على ما عرف في حرمة المصاهرة إلا أنه لم يظهر عمله في حق الملك ضرورة الانتفاع فعمل السبب في إسقاط التقوم ، وفي المدبر ينعقد السبب بعد الموت ، وامتناع البيع فيه لتحقيق مقصوده فافترقا وفي أم ولد النصراني قضينا بتكاتبها عليه دفعا للضرر عن الجانبين وبدل الكتابة لا يفتقر وجوبه إلى التقوم . 
				
						
						
