[ ص: 249 ] قال : ( وإذا قتل المحرم صيدا أو دل عليه من قتله  فعليه الجزاء ) أما القتل فلقوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء    }الآية نص على إيجاب الجزاء ، وأما الدلالة ففيها خلاف  الشافعي  رحمه الله .  [ ص: 250 ] هو يقول : الجزاء تعلق بالقتل والدلالة ليست بقتل فأشبه دلالة الحلال حلالا .  [ ص: 251 ] ولنا ما روينا من حديث  أبي قتادة  رضي الله  عنه . وقال  عطاء  رحمه الله : أجمع الناس على أن على الدال الجزاء ، ولأن الدلالة من محظورات الإحرام ، ولأنه تفويت الأمن على الصيد إذ هو آمن بتوحشه وتواريه فصار كالإتلاف ولأن المحرم بإحرامه التزم الامتناع عن التعرض فيضمن بترك ما التزمه كالمودع ، بخلاف الحلال ; لأنه لا التزام من جهته ، على أن فيه الجزاء على ما روي عن  أبي يوسف   وزفر  رحمهما الله ، والدلالة الموجبة للجزاء أن لا يكون المدلول عالما بمكان الصيد وأن يصدقه في الدلالة حتى لو كذبه وصدق غيره لا ضمان على المكذب ( ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء ) لما قلنا ( وسواء في ذلك العامد والناسي ) ; لأنه ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف فأشبه غرامات الأموال ( والمبتدئ والعائد سواء ) ; لأن الموجب لا يختلف ( والجزاء  عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف  أن يقوم الصيد في المكان الذي قتل فيه أن في أقرب المواضع منه إذا كان في برية فيقومه ذوا عدل ، ثم هو مخير في الفداء إن شاء ابتاع بها هديا وذبحه إن بلغت هديا ، وإن شاء اشترى بها طعاما وتصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر وشعير وإن شاء صام )  [ ص: 252 ] على ما نذكر . وقال  محمد   والشافعي    : يجب في الصيد النظير فيما له نظير ففي الظبي شاة وفي الضبع شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة وفي النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة لقوله تعالى: { فجزاء مثل ما قتل من النعم    } ، ومثله من النعم ما يشبه المقتول صورة ; لأن القيمة لا تكون نعما والصحابة  [ ص: 253 ] رضي الله  عنهم أوجبوا النظير من حيث الخلقة والمنظر في النعامة والظبي وحمار  [ ص: 254 ] الوحش والأرنب على ما بينا . وقال عليه الصلاة والسلام { الضبع صيد وفيه الشاة   }وما ليس له نظير عند  محمد  تجب فيه القيمة مثل العصفور والحمام وأشباههما ، وإذا وجبت القيمة كان قوله كقولهما ،  والشافعي  رحمه الله  تعالىيوجب في الحمامة شاة ويثبت المشابهة بينهما من حيث إن كل واحد منهما يغب ويهدر ،  ولأبي حنيفة   وأبي يوسف  أن المثل المطلق هو المثل صورة ومعنى ولا يمكن الحمل عليه فحمل على المثل معنى لكونه معهودا في الشرع كما في حقوق العباد ، أو لكونه مرادا بالإجماع أو لما فيه من التعميم ، وفي ضده التخصيص ، والمراد بالنص والله أعلم . 
فجزاء قيمة ما قتل من النعم الوحشي ، واسم النعم يطلق على الوحشي والأهلي . كذا قاله أبو عبيدة   والأصمعي  رحمهما الله ، والمراد بما روي التقرير به دون إيجاب المعين ، ثم الخيار إلى القاتل في أن يجعله هديا أو طعاما أو صوما عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهما الله ، وقال  محمد   والشافعي  رحمهما الله: الخيار إلى الحكمين في ذلك فإن حكما بالهدي يجب النظير على ما ذكرنا وإن حكما بالطعام أو بالصيام فعلى ما قال  أبو حنيفة   وأبو يوسف  ، لهما أن التخيير شرع رفقا بمن عليه فيكون الخيار إليه كما في كفارة اليمين ،  ولمحمد   والشافعي  قوله تعالى: { يحكم به ذوا عدل منكم هديا    }الآية ، ذكر الهدي منصوبا ; لأنه تفسير لقوله { يحكم به    }أو مفعول لحكم الحكم ، ثم ذكر الطعام والصيام بكلمة " أو " فيكون الخيار إليهما ، قلنا : الكفارة عطفت على الجزاء لا على  [ ص: 255 ] الهدي بدليل أنه مرفوع ، وكذا قوله تعالى: { أو عدل ذلك صياما    }مرفوع فلم يكن فيها دلالة اختيار الحكمين ، وإنما يرجع إليهما في تقديم المتلف ثم الاختيار بعد ذلك إلى من عليه ( ويقومان في المكان الذي أصابه ) لاختلاف القيم باختلاف الأماكن ، فإن كان الموضع برا لا يباع فيه الصيد يعتبر أقرب المواضع إليه مما يباع فيه ويشترى . قالوا : الواحد يكفي والمثنى أولى ; لأنه أحوط وأبعد عن الغلط كما في حقوق العباد ، وقيل يعتبر المثنى هاهنا بالنص 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					