فصل ( ومن طاف طواف القدوم محدثا فعليه صدقة ) وقال الشافعي رحمه الله : لا يعتد به لقوله عليه الصلاة والسلام { الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه المنطق } ، فتكون الطهارة من شرطه . ولنا قوله تعالى: { وليطوفوا بالبيت العتيق }من غير قيد الطهارة فلم تكن فرضا . ثم قيل هي سنة والأصح أنها واجبة ; لأنه يجب بتركها الجابر ، ولأن الخبر يوجب العمل فيثبت به الوجوب ، فإذا شرع في هذا الطواف وهو سنة يصير واجبا بالشروع ويدخله نقص بترك الطهارة فيجبر بالصدقة إظهارا لدنو رتبته عن الواجب بإيجاب الله وهو طواف الزيارة ، وكذا الحكم في كل طواف هو تطوع .
( ولو طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة ) ; لأنه أدخل النقص في الركن فكان أفحش من الأول فيجبر بالدم ( وإن كان جنبا فعليه بدنة ) كذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ولأن الجنابة أغلظ من الحدث فيجب جبر نقصانها بالبدنة إظهارا للتفاوت ، وكذا إذا طاف أكثره جنبا أو محدثا ; لأن أكثر الشيء له حكم كله [ ص: 242 ] ( والأفضل أن يعيد الطواف ما دام بمكة ولا ذبح عليه ) وفي بعض النسخ : وعليه أن يعيد . والأصح أنه يؤمر بالإعادة في الحدث استحبابا ، وفي الجناية إيجابا لفحش النقصان بسبب الجنابة وقصوره بسبب الحدث ، ثم إذا أعاده وقد طافه محدثا لا ذبح عليه وإن أعاده بعد أيام النحر ; لأن بعد الإعادة لا يبقى إلا شبهة النقصان ، وإن أعاده وقد طافه جنبا في أيام النحر ، فلا شيء عليه ; لأنه أعاده في وقته ، وإن أعاده بعد أيام النحر لزمه الدم عند أبي حنيفة رحمه الله بالتأخير على ما عرف من مذهبه .
ولو رجع إلى أهله وقد طافه جنبا عليه أن يعود ; لأن النقص كثير فيؤمر بالعود استدراكا له ويعود بإحرام جديد ، وإن لم يعد وبعث بدنة أجزأه لما بينا أنه جابر له إلا أن الأفضل هو العود ; ولو رجع إلى أهله وقد طافه محدثا إن عاد وطاف جاز ، وإن بعث بالشاة فهو أفضل ; لأنه خف معنى النقصان وفيه نفع للفقراء ، ولو لم يطف طواف الزيارة أصلا حتى رجع إلى أهله ; فعليه أن يعود بذلك الإحرام لانعدام التحلل منه وهو محرم عن النساء أبدا حتى يطوف ( ومن طاف طواف الصدر محدثا فعليه صدقة ) ; لأنه دون طواف الزيارة وإن كان واجبا فلا بد من إظهار التفاوت . وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه تجب شاة إلا أن الأول أصح ( ولو طاف جنبا فعليه شاة ) ; لأنه نقص كثير ثم هو دون طواف الزيارة فيكتفى بالشاة .


