[ ص: 266 ] هي مدنية كلها . قال القرطبي     : إلا آية واحدة نزلت بمكة  عام الفتح في  عثمان بن طلحة الحجبي ،  وهي قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها      [ النساء : 58 ] على ما سيأتي إن شاء الله ، قال النقاش      : وقيل : نزلت عند هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من  مكة  إلى المدينة ،  وعلى ما تقدم عن بعض أهل العلم أن قوله تعالى : يا أيها الناس حيثما وقع فإنه مكي يلزم أن يكون هذه السورة مكيا ، وبه قال  علقمة  وغيره . 
وقال النحاس     : هذه الآية مكية .  قال القرطبي     : والصحيح الأول ، فإن في صحيح  البخاري  عن عائشة  أنها قالت : ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم     . يعني قد بنى بها . ولا خلاف بين العماء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما بنى  بعائشة  بالمدينة ،  ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها . 
قال : وأما من قال : يا أيها الناس مكي حيث وقع فليس بصحيح ، فإن البقرة مدنية وفيها يا أيها الناس في موضعين . وقد أخرج  ابن الضريس  في فضائله والنحاس  في ناسخه وابن مردويه  والبيهقي  في الدلائل عن  ابن عباس  قال : نزلت سورة النساء  بالمدينة  ، وفي إسناده  العوفي  وهو ضعيف ، وكذا أخرجه ابن مردويه  عن عبد الله بن الزبير   وزيد بن ثابت ،  وأخرجه ابن المنذر  عن قتادة     . 
وقد ورد في فضل هذه السورة  ما أخرجه الحاكم  في مستدركه عن  عبد الله بن مسعود  قال : إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها  إن الله لا يظلم مثقال ذرة  الآية [ النساء : 40 ] ،  إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه  الآية [ النساء : 31 ] ،  إن الله لا يغفر أن يشرك به    [ النساء : 48 ] الآية ،  ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم  الآية [ النساء : 64 ]     . ثم قال : هذا إسناد صحيح إن كان  عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود   سمع من أبيه ، وقد اختلف في ذلك . 
وأخرجه عبد الرزاق  عن معمر  عن رجل عن  ابن مسعود  قال : خمس آيات من النساء هن أحب إلي من الدنيا جميعا  إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه  الآية [ النساء : 35 ]  وإن تك حسنة يضاعفها  الآية [ النساء : 30 ]  إن الله لا يغفر أن يشرك به  الآية [ النساء : 48 ]  ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه  الآية [ النساء : 110 ]  والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم   الآية [ النساء : 152 ]    . ورواه  ابن جرير     . 
ثم روي من طريق  صالح المري  عن قتادة  عن  ابن عباس  قال : ثمان آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت  ، وذكر ما ذكره  ابن مسعود ،  وزاد يريد الله ليبين لكم  الآية [ النساء : 26 ] والله يريد أن يتوب عليكم   الآية [ النساء : 27 ] يريد الله أن يخفف عنكم   الآية [ النساء : 28 ] . وأخرج أحمد   وابن الضريس  ومحمد بن نصر  والحاكم  وصححه والبيهقي  عن عائشة  أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : من أخذ السبع فهو حبر     . 
وأخرج البيهقي  في الشعب عن  واثلة بن الأسقع  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أعطيت مكان التوراة السبع الطوال والمئين : كل سورة بلغت مائة فصاعدا ، والمثاني : كل سورة دون المئين وفوق المفصل     . وأخرج أبو يعلى   وابن خزيمة   وابن حبان  والحاكم  وصححه والبيهقي  في الشعب عن أنس  قال : وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبين ، قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال     . 
وأخرج أحمد  عن حذيفة  قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات     . وأخرج عبد الرزاق  عن بعض أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ بالسبع الطوال في ركعة واحدة     . 
وأخرج الحاكم  عن  ابن عباس  أنه قال : ( سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير )  قال الحاكم     : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وأخرج  ابن أبي شيبة   في المصنف عنه قال : ( من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					