فصل فيمن توفي في هذه السنة    . 
قد قيل : إن وقعة اليمامة وما بعدها كانت في سنة ثنتي عشرة ، فليذكر ها هنا من تقدم ذكره في سنة إحدى عشرة من قتل باليمامة  ، وما بعدها ، ولكن   [ ص: 538 ] المشهور ما ذكرناه . 
وممن توفي في هذه السنة بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي ، والد النعمان بن بشير  ، شهد العقبة الثانية وبدرا وما بعدها ، ويقال : إنه أول من أسلم من الأنصار    . وهو أول من بايع الصديق يوم السقيفة  من الأنصار ،  وشهد مع خالد  حروبه إلى أن قتل بعين التمر  ، رضي الله عنه . روى له النسائي حديث النحل . 
والصعب بن جثامة الليثي  ، أخو محلم بن جثامة ، له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث . قال أبو حاتم    : هاجر ، وكان ينزل ودان ومات في خلافة الصديق    . 
أبو مرثد الغنوي ، واسمه كناز بن الحصين - ويقال : ابن حصين - بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف بن جلان بن غنم بن غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ، أبو مرثد الغنوي ، شهد هو وابنه مرثد  بدرا ، ولم يشهدها رجل هو وابنه سواهما ، واستشهد ابنه مرثد  يوم الرجيع كما تقدم ، وابن ابنه أنيس بن مرثد بن أبي مرثد  ، له صحبة أيضا ، شهد الفتح وحنينا ، وكان عين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس ،   [ ص: 539 ] فهم ثلاثة نسقا ، وقد كان أبو مرثد  حليفا  للعباس بن عبد المطلب  ، ويروى له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد أنه قال : لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها    . رواه مسلم  ، وأبو داود  ،  والنسائي  ، من طريق واثلة بن الأسقع  عنه . قال الواقدي    : توفي سنة ثنتي عشرة . زاد غيره : بالشام    . وزاد غيره : عن ست وستين سنة . وكان رجلا طويلا كثير الشعر . قلت : وفي قبلي دمشق  قبر يعرف بقبر كثير ، وكأنه من تصحيف بعض العامة . والذي قرأته على قبره : هذا قبر كناز بن الحصين  صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورأيت على ذلك المكان روحا وجلالة ، والعجب أن  الحافظ ابن عساكر  لم يذكره في " تاريخ الشام    " . فالله أعلم . 
وممن توفي في هذه السنة  أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي  ، زوج أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ،  وكان محسنا إليها ومحبا لها ، ولما أمره المشركون بطلاقها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى عليهم ذلك ، وكان ابن أخت  خديجة بنت خويلد ،  واسم أمه هالة ،  ويقال : هند بنت خويلد    . واختلف في اسمه فقيل : لقيط    . وهو الأشهر ، وقيل : مهشم . وقيل : هشيم    . وقد شهد بدرا من ناحية الكفار فأسر ، فجاء أخوه عمرو بن الربيع  ليفاديه ، وأحضر معه الفداء قلادة كانت   [ ص: 540 ] خديجة  أخرجتها مع ابنتها زينب  حين تزوج أبو العاص بها ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة ، وأطلقه بسببها ، واشترط عليه أن يبعث له زينب  إلى المدينة فوفى له بذلك ، واستمر  أبو العاص على كفره بمكة إلى قبيل الفتح بقليل ، فخرج في تجارة لقريش ،  فاعترضه  زيد بن حارثة  في سرية ، فقتلوا جماعة من أصحابه وغنموا العير ، وفر أبو العاص هاربا إلى  المدينة ، فاستجار بامرأته زينب  فأجارته ، فأجاز رسول الله جوارها ، ورد عليه ما كان معه من أموال قريش ،  فرجع بها أبو العاص  إليهم ، ورد كل مال إلى صاحبه ، ثم تشهد شهادة الحق وهاجر إلى المدينة  ، ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب  بالنكاح الأول ، وكان بين فراقها له وبين اجتماعها ست سنين ، وذلك بعد سنتين من وقت تحريم المسلمات على المشركين في عمرة الحديبية وقيل : إنما ردها عليه بنكاح جديد . فالله أعلم . وقد ولد له من زينب  علي بن أبي العاص ،  وأمامة بنت أبي العاص ،  وخرج مع علي إلى اليمن  حين بعثه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه خيرا في صهارته ، ويقول : حدثني فصدقني ، وواعدني فوفى لي . وقد توفي في أيام الصديق  سنة ثنتي عشرة . وفي هذه السنة تزوج علي بن أبي طالب  بابنته  أمامة بنت أبي العاص ،  بعد وفاة خالتها فاطمة ،  وما أدري هل كان ذلك قبل وفاة أبيها أبي العاص  أو بعده . فالله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					