في المحرم منها قدم الرشيد من بلاد الروم ، فدخل بغداد في أبهة عظيمة ، ومعه الروم يحملون الجزية من الذهب وغيره .
وفيها أخذ المهدي البيعة لولده هارون من بعد موسى الهادي ، ولقب هارون بالرشيد .
وفيها سخط المهدي على يعقوب بن داود ، وكان قد حظي عنده حتى استوزره ، وارتفعت منزلته في الوزارة حتى فوض إليه جميع أمر الخلافة ، وفي ذلك يقول بشار بن برد :
بني أمية هبوا طال نومكم إن الخليفة يعقوب بن داود ضاعت خلافتكم يا قوم فاطلبوا
خليفة الله بين الدف والعود
وقد كان يعقوب هذا يعظ المهدي في تعاطيه شرب النبيذ بين يديه ، وكثرة سماع الغناء ، ويلومه على ذلك ويقول : ما على هذا استوزرتني ، ولا على هذا صحبتك ، أبعد الصلوات الخمس في المسجد الحرام يشرب عندك النبيذ ويسمع السماع بين يديك؟ فيقول : فقد سمع عبد الله بن جعفر . فقال : إن ذلك لم يكن من حسناته ، ولو كان هذا قربة لكان كلما داوم عليه العبد كان [ ص: 530 ] أفضل له .
وفي ذلك يقول بعض الشعراء :
فدع عنك يعقوب بن داود جانبا وأقبل على صهباء طيبة النشر
وفيها أمر المهدي بإقامة البريد بين مكة والمدينة واليمن ، ولم يفعل هذا قبل هذه السنة .
وفيها خرج موسى الهادي إلى جرجان ، وقد جعل على القضاء أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة رحمهم الله .
وفيها حج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد عامل الكوفة ، ولم يكن في هذه السنة صائفة; للهدنة التي كانت بين الرشيد وبين الروم .
[ ص: 531 ] وفيها توفي صدقة بن عبد الله السمين ، وأبو الأشهب العطاردي ، وأبو بكر النهشلي ، وعفير بن معدان .


