[ ص: 218 ] ذكر موت عبد الله بن أبي قبحه الله     . 
قال محمد بن إسحاق    : حدثني الزهري  عن عروة  عن أسامة بن زيد  رضي الله عنه ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي يعوده  في مرضه الذي مات ، فيه فلما عرف فيه الموت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والله إن كنت لأنهاك عن حب يهود " . فقال : قد أبغضهم أسعد بن زرارة  فمه ؟   . 
وقال الواقدي    : مرض عبد الله بن أبي  في ليال بقين من شوال ، ومات في ذي القعدة وكان مرضه عشرين ليلة ، فكان رسول الله يعوده فيها ، فلما كان اليوم الذي مات فيه دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه ، فقال : " قد نهيتك عن حب يهود " . فقال : قد أبغضهم أسعد بن زرارة  فما نفعه ؟ ثم قال يا رسول الله ، ليس هذا بحين عتاب ! هو الموت ، فإن مت ، فاحضر غسلي ، وأعطني قميصك الذي يلي جلدك ، فكفني فيه ، وصل علي واستغفر لي . ففعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم   . وروى  البيهقي  من حديث سالم بن عجلان  عن سعيد بن جبير  عن ابن عباس  نحوا مما ذكره الواقدي    . فالله أعلم . 
 [ ص: 219 ] وقد قال إسحاق بن راهويه  قلت لأبي أسامة    : أحدثكم عبيد الله  عن نافع  عن ابن عمر  قال : لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول  جاء ابنه عبد الله  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه ، فقام عمر بن الخطاب  فأخذ بثوبه فقال : يا رسول الله ، تصلي عليه وقد نهاك الله عنه ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي خيرني فقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم    ( التوبة : 80 ) وسأزيد على السبعين : فقال : إنه منافق ، أتصلي عليه ؟ ! فأنزل الله عز وجل : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله    ( التوبة : 84 ) فأقر به أبو أسامة  وقال : نعم   . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث أبي أسامة    . 
وفي رواية  للبخاري  وغيره : قال عمر  رضي الله عنه : فقلت : يا رسول الله ، تصلي عليه وقد قال في يوم كذا : كذا وكذا ، وقال في يوم كذا : كذا وكذا ؟ ! فقال : دعني يا عمر  فإني بين خيرتين ، ولو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت " . ثم صلى عليه ، فأنزل الله عز وجل : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره  الآية . قال عمر : فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم . 
 [ ص: 220 ] وقال سفيان بن عيينة  عن  عمرو بن دينار  ، سمع  جابر بن عبد الله  يقول : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي  بعدما أدخل حفرته ، فأمر به فأخرج ، فوضعه على ركبتيه - أو فخذيه - ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه . فالله أعلم . 
وفي " صحيح  البخاري    " بهذا الإسناد مثله ، وعنده أنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسا العباس  رضي الله عنه قميصا حين قدم المدينة  ، فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أبي    . وقد ذكر  البيهقي  هاهنا قصة ثعلبة بن حاطب  وكيف افتتن بكثرة المال ومنعه الصدقة ، وقد حررنا ذلك في " التفسير " عند قوله تعالى : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله  الآية . ( التوبة : 75 ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					