فصل فيما كان من الحوادث المشهورة ، في سنة ثمان ،  والوفيات . 
فكان في جمادى منها وقعة مؤتة   وفي رمضان غزوة فتح مكة   وبعدها في شوال غزوة هوازن  بحنين ،   وبعدها كان حصار الطائف  ثم كانت عمرة الجعرانة  في ذي القعدة ، ثم عاد إلى المدينة  في بقية السنة . 
قال الواقدي    : رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة  لليال بقين من ذي الحجة في سفرته هذه . 
قال الواقدي    : وفي هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص  إلى جيفر وعمرو ابني الجلندي  من الأزد ،   وأخذت الجزية من مجوس بلدهما ومن حولها من الأعراب . قال : وفيها تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلمفاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي  في ذي القعدة ، فاستعاذت منه صلى الله عليه وسلم ففارقها ، وقيل : بل خيرها فاختارت الدنيا ففارقها . قال : وفي ذي الحجة منها ولد إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم  من مارية القبطية ،   فاشتدت غيرة أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولدا ذكرا ، وكانت قابلتها فيه سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  فخرجت إلى أبي رافع  فأخبرته فذهب فبشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه مملوكا ، ودفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة بنت   [ ص: 142 ] المنذر بن زيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ،  وزوجها البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول    . وكانت فيها وفاة من ذكرنا من الشهداء في هذه الوقائع . وقد قدمنا هدم خالد بن الوليد  البيت الذي كانت العزى  تعبد فيه بنخلة  بين مكة  والطائف ،   وذلك لخمس بقين من رمضان منها . 
قال الواقدي    : وفيها كان هدم سواع  الذي كانت تعبده هذيل  برهاط ،  هدمه عمرو بن العاص  رضي الله عنه ،  ولم يجد في خزانته شيئا . وفيها هدم مناة  بالمشلل ،  وكانت الأنصار  أوسها وخزرجها يعظمونه ، هدمه سعد بن زيد الأشهلي  رضي الله عنه . وقد ذكرنا من هذا فصلا مفيدا مبسوطا في تفسير " سورة النجم " عند قوله تعالى : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى    [ النجم : 19 ، 20 ] . 
قلت : وقد ذكر  البخاري  بعد فتح مكة  قصة تخريب خثعم  البيت الذي كانت تعبده ويسمونه الكعبة اليمانية  مضاهية للكعبة  التي بمكة ،   ويسمون التي بمكة  الكعبة الشامية ،  ولتلك الكعبة اليمانية    . 
 [ ص: 143 ] فقال  البخاري    : ثنا يوسف بن موسى  ثنا أبو أسامة  عن إسماعيل بن أبي خالد  عن قيس  عن جرير  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تريحني من ذي الخلصة؟    " فقلت : بلى . فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس ،  وكانوا أصحاب خيل ، وكنت لا أثبت على الخيل ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فضرب يده في صدري حتى رأيت أثر يده في صدري ، وقال : " اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا " . قال : فما وقعت عن فرس بعد . قال : وكان ذو الخلصة  بيتا باليمن  لخثعم  وبجيلة ،  فيه نصب تعبد - يقال له : الكعبة اليمانية    . قال : فأتاها فحرقها في النار وكسرها . قال : فلما قدم جرير  اليمن  كان بها رجل يستقسم بالأزلام ، فقيل له : إن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم هاهنا ، فإن قدر عليك ضرب عنقك . قال : فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير  فقال : لتكسرنها وتشهد أن لا إله إلا الله أو لأضربن عنقك . فكسرها وشهد . ثم بعث جرير  رجلا من أحمس  يكنى أبا أرطأة  إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك ، قال : فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب . قال : فبرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس  ورجالها خمس مرات . ورواه مسلم  من طرق متعددة ، عن إسماعيل بن أبي خالد  عن  قيس بن أبي حازم  عن  جرير بن عبد الله البجلي  بنحوه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					