فصل 
هذه الأمة أكثر أهل الجنة ، وأعلاهم منازل ،  وأول من يدخل الجنة  صدرها ، كما قال تعالى في صفة المقربين : ثلة من الأولين وقليل من الآخرين    [ الواقعة : 13 ، 14 ] . وقال في صفة أهل اليمين : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين    [ الواقعة : 39 ، 40 ] . 
وثبت في " الصحيحين " : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم . ثم يكون قوم يحبون السمن أو السمانة ، ينذرون ولا يفون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون   " . 
وخيار الصدر الأول الصحابة ، كما قال ابن مسعود    : من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد  ، أبر هذه الأمة قلوبا ، وأصدقها ألسنة ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ،   [ ص: 434 ] قوم اختارهم الله لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم حقهم ، واقتدوا بهم; فإنهم كانوا على الهدى المستقيم . 
وتقدم أن هذه الأمة يدخل منهم إلى الجنة سبعون ألفا بغير حساب . 
وفي " صحيح مسلم "    : " مع كل ألف سبعون ألفا   " . وفي رواية أحمد :    " مع كل واحد سبعون ألفا   " . وهذا ذكر أطراف الحديث ، وإشارة إلى طرقه وألفاظه . 
وفي " الصحيحين " من رواية حصين بن عبد الرحمن ،  عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق . فنظرت فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، ولا عذاب " . وفيه : " هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقام عكاشة بن محصن . وقد تقدم هذا كله . 
 [ ص: 435 ] وقال هشام بن عمار  خطيب دمشق ،   وأبو بكر بن أبي شيبة  ، واللفظ له : حدثنا إسماعيل بن عياش  ، أخبرني محمد بن زياد الألهاني ،  سمعت أبا أمامة ،  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعين ألفا ، لا حساب عليهم ، ولا عذاب ، وثلاث حثيات من حثيات ربي ، عز وجل   " . 
وكذا رواه أبو بكر بن أبي عاصم  ، عن  دحيم  ، عن  الوليد بن مسلم  ، عن  صفوان بن عمرو ،  عن  سليم بن عامر ،  وأبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي الهوزني ،  عن أبي أمامة ،  فذكر مثله . 
وروى  الطبراني  ، من حديث عامر بن زيد البكالي  ، عن  عتبة بن عبد السلمي ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . ورواه أيضا من طريق  أبي أسماء الرحبي ،  عن ثوبان  مثله ، ولم يذكر : " ثلاث حثيات " . وله من حديث قيس الكندي  ، عن أبي سعيد الأنماري  مثله ، وذكر فيه : " ثلاث حثياث " . وقد قدمنا بقية طرقه بألفاظها . والله سبحانه أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					