[ ص: 172 ] فصل 
والمشهور أن الأسارى يوم بدر  كانوا سبعين  ، والقتلى من المشركين سبعين ، كما ورد في غير ما حديث مما تقدم ، وسيأتي إن شاء الله ، وكما في حديث  البراء بن عازب  في " صحيح  البخاري    " أنهم قتلوا يوم بدر  سبعين ، وأسروا سبعين . 
وقال  موسى بن عقبة :  قتل يوم بدر  من المسلمين من قريش  ستة ، ومن الأنصار  ثمانية ، وقتل من المشركين تسعة وأربعون ، وأسر منهم تسعة وثلاثون . هكذا رواه  البيهقي  عنه . قال : وهكذا ذكر ابن لهيعة ،  عن أبي الأسود ،  عن عروة  في عدد من استشهد من المسلمين وقتل من المشركين . 
ثم قال : أخبرنا  الحاكم ،  أخبرنا الأصم ،  أخبرنا أحمد بن عبد الجبار ،  عن  يونس بن بكير ،  عن محمد بن إسحاق ،  قال : واستشهد من المسلمين يوم بدر  أحد عشر رجلا ، أربعة من قريش ،  وسبعة من الأنصار ،  وقتل من   [ ص: 173 ] المشركين بضعة وأربعون رجلا . وقال في موضع آخر : وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وأربعون أسيرا ، وكانت القتلى مثل ذلك . 
ثم روى  البيهقي ،  من طريق أبي صالح  كاتب الليث ،  عن الليث ،  عن عقيل ،  عن الزهري ،  قال : وكان أول قتيل من المسلمين مهجع مولى عمر ،  ورجل من الأنصار ،  وقتل يومئذ من المشركين زيادة على سبعين ، وأسر منهم مثل ذلك   . قال ورواه ابن وهب ،  عن  يونس بن يزيد ،  عن الزهري  عن ، عروة بن الزبير  
قال  البيهقي    : وهو الأصح فيما رويناه في عدد من قتل من المشركين وأسر منهم . ثم استدل على ذلك بما ساقه هو  والبخاري  أيضا من طريق أبي إسحاق ،  عن  البراء بن عازب  قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد   عبد الله بن جبير ،  فأصابوا منا سبعين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد أصابوا من المشركين يوم بدر  أربعين ومائة ، سبعين أسيرا ، وسبعين قتيلا .  [ ص: 174 ] 
قلت : والصحيح أن جملة المشركين كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف ، وقد صرح قتادة  بأنهم كانوا تسعمائة وخمسين رجلا ، وكأنه أخذه من هذا الذي ذكرناه . والله أعلم . وفي حديث عمر  المتقدم ، أنهم كانوا زيادة على الألف . والصحيح الأول ، لقوله عليه السلام : القوم ما بين التسعمائة إلى الألف   . وأما الصحابة يومئذ فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، كما سيأتي التنصيص على ذلك ، وعلى أسمائهم ، إن شاء الله ، وتقدم في حديث الحكم ،  عن مقسم ،  عن ابن عباس    : أن وقعة بدر  كانت يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان . وقاله أيضا ، عروة بن الزبير ،  وقتادة   وإسماعيل السدي الكبير ،   وأبو جعفر الباقر    . 
وروى  البيهقي  من طريق قتيبة ،  عن جرير ،  عن الأعمش ،  عن إبراهيم ،  عن الأسود ،  عن  عبد الله بن مسعود  في ليلة القدر ، قال : تحروها لإحدى عشرة بقين ، فإن صبيحتها يوم بدر .    . 
قال  البيهقي :  وروي عن  زيد بن أرقم ،  أنه سئل عن ليلة القدر ، فقال :   [ ص: 175 ] ليلة تسع عشرة . ما شك وقال : يوم الفرقان يوم التقى الجمعان . 
قال  البيهقي    : والمشهور عن أهل المغازي أن ذلك لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان . 
ثم قال  البيهقي    : أخبرنا  أبو الحسين بن بشران ،  حدثنا  أبو عمرو بن السماك ،  حدثنا حنبل بن إسحاق ،  ثنا أبو نعيم ،  ثنا عمرو بن عثمان ،  سمعت  موسى بن طلحة  يقول : سئل  أبو أيوب الأنصاري  عن يوم بدر فقال : إما لسبع عشرة خلت ، أو ثلاث عشرة خلت ، أو لإحدى عشرة بقيت ، وإما لسبع عشرة بقيت   . وهذا غريب جدا . 
وقد ذكر الحافظ  ابن عساكر  في ترجمة قباث بن أشيم الليثي ،  من طريق الواقدي  وغيره بإسنادهم إليه ، أنه شهد يوم بدر مع المشركين ، فذكر هزيمتهم مع قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وجعلت أقول في نفسي : ما رأيت مثل هذا الأمر فر منه إلا النساء ، والله لو خرجت نساء قريش  بأكمتها ، ردت محمدا  وأصحابه ، فلما كان بعد الخندق ، قلت : لو قدمت المدينة فنظرت إلى ما يقول محمد ،  وقد وقع في نفسي الإسلام . قال :   [ ص: 176 ] فقدمتها ، فسألت عنه فقالوا : هو ذاك في ظل المسجد في ملأ من أصحابه ، فأتيته وأنا لا أعرفه من بين أصحابه ، فسلمت فقال : " يا قباث بن أشيم ،  أنت القائل يوم بدر : ما رأيت مثل هذا الأمر فر منه إلا النساء ؟ فقلت : أشهد أنك رسول الله ، فإن هذا الأمر ما خرج مني إلى أحد قط ، ولا ترمرمت به إلا شيئا حدثت به نفسي ، فلولا أنك نبي ما أطلعك الله عليه ، هلم أبايعك على الإسلام ، فأسلمت . 
				
						
						
