[ ص: 147 ] حديث عن  أبي أمامة الباهلي صدي بن عجلان  في معنى حديث النواس بن سمعان 
 قال ابن ماجه    : حدثنا علي بن محمد ،  حدثنا عبد الرحمن المحاربي ،  عن إسماعيل بن رافع أبي رافع ،  عن أبى زرعة السيباني يحيى بن أبي عمرو ،  عن  أبي أمامة الباهلي ،  قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال ،  وحذرناه ، فكان من قوله أن قال : " إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال ،   وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر من الدجال ،   وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ،  فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم ،   وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم    . وإنه يخرج من خلة بين الشام  والعراق ،  فيعيث يمينا ، ويعيث شمالا . يا عباد الله ، أيها الناس ، فاثبتوا ، وإني سأصفه في صفة لم يصفها إياه نبي قبلي; إنه يبدأ ، فيقول : أنا نبي . ولا نبي بعدي ، ثم يثني فيقول : أنا ربكم . ولا ترون ربكم حتى تموتوا ، وإنه أعور ،  وإن ربكم ، عز وجل ، ليس بأعور ، وإنه مكتوب بين عينيه :   [ ص: 148 ] كافر ، يقرؤه كل مؤمن ،  كاتب وغير كاتب ، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة ، وجنته نار ،  فمن ابتلي بناره ، فليستغث بالله ، وليقرأ فواتح سورة الكهف;  فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم    . وإن من فتنته أن يقول لأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ، اتبعه ، فإنه ربك . وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة ، فيقتلها وينشرها بالمنشار ،  حتى تلقى شقتين ، ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا ، فإني أبعثه الآن ، ثم يزعم أن له ربا غيري ، فيبعثه الله ، فيقول له الخبيث : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، وأنت عدو الله ، أنت الدجال ،  والله ، ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم    " . 
قال أبو الحسن - يعني علي بن محمد    : فحدثنا المحاربي ،  حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ،  عن عطية ،  عن أبي سعيد ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة    " . قال : قال أبو سعيد    : والله ، ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب ،  حتى مضى لسبيله . 
قال المحاربي    : ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع ،  قال :   " وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ،  ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي ، فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي ،   [ ص: 149 ] فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت ، وأعظمه ، وأمده خواصر ، وأدره ضروعا . وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه ، وظهر عليه ، إلا مكة  والمدينة;   فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الظريب الأحمر ،  عند منقطع السبخة ،  فترجف المدينة  بأهلها ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ،  فتنفي الخبث منها ، كما ينفي الكير خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص " . فقالت أم شريك بنت أبي العكر    : يا رسول الله ، فأين العرب يومئذ؟ قال : ( هم يومئذ قليل ، وجلهم ببيت المقدس ،  وإمامهم رجل صالح ، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم ،   فيرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى; ليتقدم بهم عيسى  يصلي ، فيضع عيسى ،  عليه الصلاة والسلام ، يده بين كتفيه ، ثم يقول له : تقدم فصل; فإنها لك أقيمت . فيصلي بهم إمامهم ،  فإذا انصرف قال عيسى    : أقيموا الباب . فيفتح ،   [ ص: 150 ] ووراءه الدجال  معه سبعون ألف يهودي ،  كلهم ذو سيف محلى وساج ، فإذا نظر إليه الدجال  ذاب كما يذوب الملح في الماء ، وينطلق هاربا ، ويقول عيسى    : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها . فيدركه عند باب لد الشرقي ،  فيقتله ،  فيهزم الله اليهود ، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء; لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة - إلا الغرقدة ،  فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال : يا عبد الله المسلم ، هذا يهودي ، فتعال فاقتله " . 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وإن أيامه أربعون سنة ،  السنة كنصف السنة ، والسنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وآخر أيامه كالشررة ، يصبح أحدكم على باب المدينة ،  فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي " . قيل له : يا رسول الله ، كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟  قال : " تقدرون فيها الصلاة ، كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ، ثم صلوا " . 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فيكون عيسى ابن مريم  في أمتي حكما عدلا ،  وإماما مقسطا ، يدق الصليب ، ويذبح الخنزير ، ويضع الجزية ، ويترك الصدقة  فلا يسعى على شاة ولا بعير ، وترفع الشحناء والتباغض ،  وتنزع حمة كل ذي حمة ، حتى يدخل الوليد يده في في الحية ، فلا تضره ، وينفر الوليد الأسد ، فلا   [ ص: 151 ] يضره ، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها ، وتملأ الأرض من السلم ،  كما يملأ الإناء من الماء ، وتكون الكلمة واحدة ، فلا يعبد إلا الله ،  وتضع الحرب أوزارها ، وتسلب قريش  ملكها ،  وتكون الأرض كفاثور الفضة ، تنبت نباتها كعهد آدم    ; حتى يجتمع النفر على القطف من العنب ، فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا من المال ، ويكون الفرس بالدريهمات " . قيل : يا رسول الله ، وما يرخص الفرس؟ قال : " لا يركب لحرب أبدا " . قيل له : فما يغلي الثور؟ قال؟ " تحرث الأرض كلها . وإن قبل خروج الدجال  ثلاث سنوات شداد ،  يصيب الناس فيها جوع شديد ، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر السماء في السنة الثانية ، فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض ، فتحبس ثلثي نباتها ، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة ، فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء ، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت ، إلا ما شاء الله " . قيل : ما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال : " التهليل ، والتكبير ، والتسبيح ، والتحميد ،  ويجرى ذلك عليهم مجرى الطعام   " . 
قال ابن ماجه    : سمعت أبا الحسن الطنافسي  يقول : سمعت عبد الرحمن   [ ص: 152 ] المحاربي  يقول : ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب . انتهى سياق ابن ماجه    . 
وقد وقع تخبيط في إسناده لهذا الحديث ، فكما وجدته في نسخة كتبت إسناده ، وقد سقط التابعي منه ، وهو عمرو بن عبد الله الحضرمي ، أبو عبد الجبار الشامي  الراوي له عن أبي أمامة    . 
قال شيخنا الحافظ المزي  في " الأطراف " : ورواه ابن ماجه  في الفتن ، عن علي بن محمد ،  عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي ،  عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ،  عن أبي زرعة السيباني يحيى بن أبي عمرو ،  عن أبي أمامة  به بتمامه ، كذا قال ، وكذا رواه سهل بن عثمان عن المحاربي ،  وهو وهم فاحش . 
قلت : وقد جود إسناده أبو داود ،  فرواه عن عيسى بن محمد ،  عن ضمرة ،  عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ،  عن عمرو بن عبد الله ،  عن أبي أمامة ،  نحو حديث النواس بن سمعان    . 
وقد روى  الإمام أحمد  بهذا الإسناد حديثا واحدا في " مسنده " ، فقال أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الإمام أحمد    : وجدت في كتاب أبي بخط يده : حدثني مهدي بن جعفر الرملي ،  حدثنا ضمرة ،  عن السيباني ، واسمه يحيى   [ ص: 153 ] بن أبي عمرو ،  عن عمرو بن عبد الله الحضرمي ،  عن أبي أمامة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ،  لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله ، وهم كذلك " قالوا : يا رسول الله : وأين هم؟ قال : " ببيت القدس ، وأكناف بيت القدس    " . 
وقال مسلم    : حدثنا  عمرو الناقد ،   والحسن الحلواني ،   وعبد بن حميد    - وألفاظهم متقاربة والسياق لعبد -  قال : حدثني - وقال الآخران : حدثنا - يعقوب ، هو ابن إبراهيم بن سعد ،  حدثنا أبي ، عن صالح ،  عن ابن شهاب ،  أخبرني عبد الله بن عبد الله بن عتبة ،  أن  أبا سعيد الخدري ،  قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال ،  فكان فيما حدثنا قال : " يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ،  فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة ،  فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس ، أو من خير الناس ، فيقول له : أشهد أنك الدجال  الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه . فيقول الدجال    : أرأيتم إن قتلت هذا ، ثم أحييته ، أتشكون في الأمر؟ فيقولون : لا . قال : فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول حين يحييه : والله ، ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن . قال : فيريد الدجال  أن يقتله ، فلا يسلط عليه   " . قال أبو إسحاق    : يقال : إن هذا الرجل   [ ص: 154 ] هو الخضر    . 
قال مسلم    : وحدثني  عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ،  أنا أبو اليمان ،  أنا شعيب ،  عن الزهري  في هذا الإسناد ، بمثله . 
وقال مسلم    : حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد ،  من أهل مرو ،  حدثنا عبد الله بن عثمان ،  عن أبي حمزة ،  عن قيس بن وهب ،  عن أبي الوداك ،  عن  أبي سعيد الخدري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال  فيتوجه قبله رجل من المؤمنين ، فتلقاه مسالح الدجال ،  فيقولون له : أين تعمد؟ فيقول : أعمد إلى هذا الذي خرج " . قال : " فيقولون له : أوما تؤمن بربنا؟ فيقول : ما بربنا خفاء . فيقولون : اقتلوه . فيقول بعضهم لبعض : أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه؟ " قال : " فينطلقون به إلى الدجال ،  فإذا رآه المؤمن قال : يا أيها الناس ، هذا الدجال  الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم " . قال : " فيأمر الدجال  به ، فيشبح ، فيقول : خذوه وشجوه . فيوسع ظهره وبطنه ضربا " . قال : " فيقول : أوما تؤمن بي؟ " قال : " فيقول : أنت المسيح الكذاب " . قال : " فيؤمر به ، فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه " . قال : " ثم يمشي الدجال   [ ص: 155 ] بين القطعتين ، ثم يقول له : قم . فيستوي قائما " . قال : " ثم يقول له : أتؤمن بي؟ فيقول : ما ازددت فيك إلا بصيرة " . قال : " ثم يقول : يا أيها الناس ، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس " . قال : " فيأخذه الدجال  ليذبحه ، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا ، فلا يستطيع إليه سبيلا " . قال : " فيأخذ بيديه ورجليه ، فيقذف به ، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار ، وإنما ألقي في الجنة " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا أعظم الناس شهادة  عند رب العالمين " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					