[ ص: 436 ] ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين 
فيها غزا مسلمة ،  وابن أخيه عمر بن الوليد  بلاد الروم ،   ففتحا حصونا كثيرة ، وغنما شيئا كثيرا ، وهربت منهم الروم إلى أقصى بلادهم . 
وفيها غزا طارق بن زياد  مولى موسى بن نصير  بلاد الأندلس   في اثني عشر ألفا ، فخرج إليه ملكها أذرينوق  في جحافله ، وعليه تاجه ومعه سرير ملكه ، فقاتله طارق  فهزمه ، وغنم ما في معسكره ، فكان من جملة ذلك السرير ، وتملك بلاد الأندلس  بكمالها . قال الذهبي : كان طارق بن زياد  أمير طنجة  ، وهي أقصى بلاد المغرب ،  وكان نائبا لمولاه موسى بن نصير  ، فكتب إليه صاحب الجزيرة الخضراء يستنجد به على عدوه ، فدخل طارق  إلى جزيرة الأندلس  من زقاق سبتة ، وانتهز الفرصة لكون الفرنج قد اقتتلوا فيما بينهم ، وأمعن طارق  في بلاد الأندلس  فافتتح قرطبة  ، وقتل ملكها أذرينوق ،  وكتب إلى موسى بن نصير  بالفتح ، فحسده موسى  على الانفراد بهذا الفتح ، وكتب إلى الوليد  يبشره بالفتح ، وينسبه إلى نفسه ، وكتب إلى طارق  يتوعده لكونه دخل بغير أمره ، ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به ، ثم سار إليه مسرعا بجيوشه ، فدخل الأندلس  ومعه حبيب بن أبي عبيدة الفهري ،  فأقام سنين يفتح في بلاد الأندلس ،  ويأخذ المدن والأموال ، ويقتل الرجال ، ويأسر النساء والأطفال ، فغنم شيئا لا يحد ولا   [ ص: 437 ] يوصف ولا يعد من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة ، ومن آنية الذهب والفضة والأثاث والخيول والبغال وغير ذلك شيئا كثيرا ، وفتح من الأقاليم الكبار والمدن شيئا كثيرا . 
وكان مما فتح مسلمة  وابن أخيه عمر بن الوليد  من حصون بلاد الروم حصن سوسنة ،  وبلغا إلى خليج القسطنطينية    . 
وفيها فتح  قتيبة بن مسلم  شومان وكس ،  ونسف ،   وامتنع عليه أهل فرياب فأحرقها ، وجهز أخاه عبد الرحمن  إلى الصغد  إلى طرخون خان  ملك تلك البلاد ، فصالحه عبد الرحمن  وأعطاه طرخون خان  أموالا كثيرة ، وقدم على أخيه وهو ببخارى  فرجع إلى مرو  ، ولما صالح طرخون  عبد الرحمن  ورحل عنه ، اجتمعت الصغد وقالوا لطرخون    : إنك قد بؤت بالذل وأديت الجزية ، وأنت شيخ كبير فلا حاجة لنا فيك ، ثم عزلوه وولوا عليهم غوزك خان أخا طرخون خان ،  ثم إنهم عصوا ونقضوا العهد ، وكان من أمرهم ما سيأتي . 
وفيها غزا قتيبة  سجستان   يريد رتبيل  ملك الترك الأعظم ، فلما انتهى إلى أول مملكة رتبيل  تلقته رسله يريدون منه الصلح على أموال عظيمة; خيول ورقيق ونساء من بنات الملوك يحمل ذلك إليه ، فصالحه . 
وحج بالناس في هذه السنة عمر بن عبد العزيز  نائب المدينة  ، رحمه الله 
. 
				
						
						
