مطلب : في ضرب الرجل زوجته تأديبا لها .
( ولا ترفعن ) نهي مؤكد بالنون الثقيلة ، والمراد به الإرشاد والجواز ( السوط ) بالسين والطاء المهملتين ، المقرعة ، سميت بذلك لأنها تخلط اللحم بالدم . وأصل السوط الخلط ، وهو أن تخلط شيئين في إنائك ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا . وجمع السوط سياط وأسواط ( عن كل معتد ) أي ظالم مفسد من أهلك تأديبا لها وردعا عن ظلمها وفسادها ، وليكن ذلك عشرة أسواط فأقل ضربا غير مبرح .
قال علماؤنا وغيرهم : إذا ظهر من الزوجة أمارات النشوز بأن تتشاغل أو تدافع إذا دعاها إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة أو يختل أدبها في حقه ، وعظها ، فإن رجعت إلى الطاعة والأدب حرم الهجر والضرب ، وإن أصرت وأظهرت النشوز بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش ، أو خرجت من بيته بغير إذنه ونحو ذلك هجرها في المضجع ما شاء ، وفي الكلام ثلاثة أيام لا فوقها .
فإن أصرت ، ولم ترتدع فله أن يضربها فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش وتركها من الكلام ضربا غير مبرح ، أي غير شديد يفرقه على بدنها ويجتنب الوجه والبطن والمواضع المخوفة والمستحسنة عشرة [ ص: 403 ] أسواط فأقل . وقيل بدرة أو مخراق منديل ملفوف لا بسوط ولا خشب ، فإن تلفت من ذلك فلا ضمان عليه .
ويمنع من هذه الأشياء من علم بمنعه حقها حتى يؤديه ويحسن عشرتها ، ولا يسأله أحد لم ضربها ولا أبوها ، لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته } رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم من حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح . وله تأديبها كذلك على ترك فرائض الله - تعالى .
قال في الفروع : ولا يملك تعزيرها في حق الله - تعالى - كالسحاق ; لأنه وظيفة الحاكم .
ونقل مهنا هل يضربها على ترك زكاة ؟ قال : لا أدري . قال : وفيه ضعف ; لأنه نقل عنه يضربها على فرائض الله . قاله في الانتصار . وذكر غيره يملكه . قال : ولا ينبغي سؤاله لم ضربها . قاله الإمام أحمد رضي الله عنه .
وفي الترغيب وغيره : الأولى تركه يعني ترك الضرب إبقاء للمودة . والأولى أن لا يتركه عن الصبي لإصلاحه .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها { ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط إلا أن يجاهد } . ولمسلم عنها { خروجه صلى الله عليه وسلم في الليل إلى البقيع وإخفائه منها ، وخرجت في أثره فأقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات قالت : ثم انحرف فانحرفت ، فأسرع فأسرعت ، فهرول فهرولت ، فأحضر فأحضرت } . قال في الفروع : الإحضار العدو ، { فسبقته فدخلت فدخل فقال ما لك يا عائشة حشيا رابئة ؟ قلت : لا شيء قال لتخبرني أو ليخبرني اللطيف ، قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ، ثم قال : أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله } .
قوله حشيا هو بفتح الحاء المهملة وإسكان الشين المعجمة مقصور والحشا والربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمجد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره .
وقوله رابئة أي مرتفعة البطن .
وقولها لهدني بفتح الهاء والدال المهملة ، وروي بالزاي وهما متقاربتان يقال لهده ولهده بتخفيف الهاء وتشديدها [ ص: 404 ] أي دفعه ، ويقال لهزه أي ضربه بجمع كفه في صدره ، ويقرب منها لكزه ووكزه .


