[ ص: 430 ] ثم ) أكره أيضا ( تدليس ) أي كتمان عيب ( نهد ) جمع ناهد ، من نهد الثدي كمنع ونصر نهودا كعب ، والمرأة كعب ثديها كنهدت فهي منهد وناهد وناهدة . وظاهر نظامه  رحمه الله أن تدليس المرأة بنحو وشم ووشر ووصل  مكروه ، والمذهب الحرمة . 
قال في الإقناع والمنتهى وغيرهما : يحرم نمص ووشر وشم ووصل شعر بشعر ولو بشعر بهيمة أو إذن زوج ، ولا تصح الصلاة إن كان نجسا ، ولا بأس بما يحتاج إليه شد الشعر كالقرمل . وأباح الإمام ابن الجوزي  النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات . 
فقد أخرج  البخاري   ومسلم  وغيرهما عن  أسماء  رضي الله عنها { أن امرأة سألت رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمزق شعرها وإني زوجتها أفأصل فيه ؟ فقال لعن الله الواصلة والموصولة    } وفي رواية لهما قالت  أسماء    { لعن النبي  صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة    } . وأخرجا وغيرهما عن  ابن عمر  رضي الله عنهما { أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة    } . 
وفي الصحيحين وأبي داود  والترمذي  وغيرهم عن  ابن مسعود  رضي الله عنه أنه قال { لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله ، فقالت له امرأة في ذلك ، فقال : ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله  صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله . قال الله تعالى {    : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا     }    } . 
وأخرج أبو داود  وغيره عن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال { لعنت الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والواشمة والمستوشمة من غير داء    } . فالمتفلجة هي التي تفلج أسنانها بالبرد ونحوه للتحسين . والواصلة التي تصل الشعر بشعر نساء أو دواب . والمستوصلة المعمول بها ذلك . والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه . وكذا قال  أبو داود    . وقال  الخطابي  وغيره وصرح به فقهاؤنا هو نتف الشعر من الوجه . والمتنمصة  [ ص: 431 ] المعمول بها ذلك . والواشمة التي تغرز اليد أو الوجه ونحوهما بالإبر ثم يحشى ذلك المكان بكحل . قال بعضهم أو مداد . والمستوشمة المعمول بها ذلك . 
وأخرج  البخاري   ومسلم  وغيرهما عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف  أنه { سمع  معاوية  رضي الله عنه عام حج على المنبر وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي فقال يا أهل المدينة  أين علماؤكم ، سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا ويقول إنما هلكت بنو إسرائيل  حين اتخذها نساؤهم    } . 
وفي رواية لهما عن  ابن المسيب  قال { قدم  معاوية  المدينة  فخطبنا وأخرج كبة من شعر فقال ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود  وإن رسول الله  صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور    } . وفي أخرى لهما أن  معاوية  قال ذات يوم { إنكم قد أحدثتم زي سوء ، وإن نبي الله  صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور    } 
قال  قتادة    : يعني ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق . قال وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة فقال  معاوية  ألا هذا الزور . 
وفي كتاب أدب النساء للإمام الحافظ ابن الجوزي  عن  عائشة  رضي الله عنها قالت { يا معشر النساء إياكن وقشر الوجه . قال فسألتها امرأة عن الخضاب ، قالت لا بأس بالخضاب . وقالت  رضي الله عنها : إن رسول الله  صلى الله عليه وسلم لعن الصالقة والحالقة والخارقة والقاشرة    } . 
وعنها  رضي الله عنها قالت { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة ، والواشمة ، والمستوشمة ، والواصلة ، والمستوصلة    } فالقاشرة هي التي تقشر وجهها بالدواء ليصفو لونها . والصالقة هي التي ترفع صوتها بالصراخ عند المصائب . والحالقة هي التي تحلق شعرها عند النوائب . والخارقة التي تخرق ثوبها عند المصيبة . 
قال ابن الجوزي  قدس الله روحه : فظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه الأشياء التي قد نهي عنها على كل حال . وقد أخذ بإطلاق ذلك  ابن مسعود   [ ص: 432 ] على ما روينا . ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء : إما أن يكون ذلك قد كان شعار الفاجرات فيكن المقصودات به ، أو أن يكون مفعولا للتدليس على الرجل فهذا لا يجوز ، أو أن يكون يتضمن تغيير خلقة الله تعالى كالوشم الذي يؤذي اليد ويؤلمها ولا يكاد يستحسن ، وربما أثر القشر في الجلد تحسنا في العاجل ثم تأذى به الجلد فيما بعده . 
وأما الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا . وكذلك أخذ الشعر من الوجه للتحسن للزوج . ويكون حديث النامصة محمولا على أحد الوجهين الأولين . 
وقال : شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي    : إذا أخذت المرأة من وجهها لأجل زوجها  بعد رؤيته إياها فلا بأس ، وإنما يذم إذا فعلته قبل أن يراها ; لأن فيه تدليسا . ثم ذكر عن أم حليلة  قالت : شهدت امرأة سألت عائشة  رضي الله عنها ما تقولين في قشر الوجه ؟ قالت إن كان شيء ولدت وهو بها فلا يحل لها ولا آمرها ولا أنهاها ، وإن كان شيء حدث فلا بأس تعمد إلى ديباجة كساها فتنحيها من وجهها لا آمرها ولا أنهاها . 
وقال : قال  مسلم  وحدثتنا بحسة الراسبية قالت حدثتني أم نصرة  قالت قالت عائشة  رضي الله عنها : لو كان في وجه بنات أخي لأخرجته ولو بشفرة . وقال وعن بكرة بنت عقبة  أنها دخلت على عائشة  رضي الله عنها فسألتها عن الحناء فقالت شجرة طيبة وماء طهور ، وسألتها عن الحفاف فقالت لها إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي . انتهى . 
قال في الآداب الكبرى : ولا بأس بالقرامل ونحوها . زاد بعضهم لكن تركه أفضل . وعنه هي كالوصل بالشعر . قيل للإمام   : تصل المرأة بالقرامل ؟  فكرهه . وظاهر الإقناع والمنتهى عدم منع وصل شعر بغير شعر ، وصرح به الشراح . قالوا لأنه لا تدليس فيه بل فيه مصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة ، لكن يكره ما زاد عما يحتاج إليه ، وظاهر الأخبار المارة المنع . قال الإمام ابن الجوزي  طيب الله ثراه : قال أبو عبيد   [ ص: 433 ] رحمه الله تعالى : وقد رخصت الفقهاء في القرامل وكل شيء وصل الشعر به ما لم يكن الوصل شعرا . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					