فصل
قال الرازي: (الفصل الثامن في القرب) قال سبحانه وتعالى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ق 16]. وقال صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله: «من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة».
وروى الأستاذ ابن فورك رحمه الله في كتاب [ ص: 165 ] المتشابهات، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يدنو المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع الجبار كنفه عليه، فيقر بذنوبه، فيقول: أعرف. ثلاث مرات، فيقول تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم [هود: 18].
قال: واعلم أن المراد من قربه ودنوه قرب رحمته [ ص: 166 ] ودنوها من العبد، وأما قوله: فيضع الجبار كنفه عليه فهو أيضا مستفاد من قرب الرحمة، يقال: أنا في كنف فلان، أي: في إنعامه، وأما ما رواه بعضهم: (فيضع الجبار كتفه) فاتفقوا على أنه تصحيف، والرواة ضبطوها بالنون، ثم إن صحت الرواية فهي محمولة على التقريب بالرحمة والغفران، والله أعلم.


