التفسير: 
قوله تعالى: أتى أمر الله    : قيل معناه: يأتي; فهو كقولك: (إن أكرمتني  [ ص: 8 ] أكرمتك) ، وقد قدمنا أن إخبار الله تعالى في الماضي والمستقبل سواء، و أمر الله   : عقابه لمن أقام على الشرك به، وتكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم، قاله  الحسن،   وابن جريج.  
 الضحاك:   (أمره) : ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه. 
وقيل: (أمره) : نصره. 
وقيل: هو يوم القيامة. 
 الزجاج:  هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم; فهو كقوله: حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور   [هود: 40]. 
وقيل: المعنى: أتت أشراط الله، وما يدل على قربها. 
وقوله: ينـزل الملائكة بالروح من أمره   : قال  ابن عباس:   (الروح) : خلق من خلق الله تعالى;  كصور بني آدم، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم، وعنه أيضا: أن (الروح) ههنا: الوحي. 
 الحسن:  هو النبوة. 
 الربيع بن أنس:  هو كلام الله تعالى. 
 قتادة:   (الروح) : الوحي والرحمة. 
 [ ص: 9 ]  الزجاج:   (الروح) : ما كان فيه من أمر الله حياة; بالإرشاد إلى أمره. 
و {من} في قوله تعالى: من أمره   : بمعنى الباء. 
وفي قوله: أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون  تحذير من عبادة الأوثان;  ولذلك جاء الإنذار; لأن أصله التحذير مما يخاف منه، ودل على ذلك قوله: {فاتقون} . 
وقوله تعالى: خلق الإنسان من نطفة   : {الإنسان} : اسم للجنس، وروي: أن المراد به: أبي بن خلف.  
وقوله: خصيم مبين  أي: يخاصم الله تعالى في قدرته، ويبين عن خصومته بمنطقه. 
وقوله: لكم فيها دفء ومنافع   : الدفء: ما يلبس، عن  ابن عباس،  وغيره، قال  ابن عباس:  و (المنافع) : نسل كل دابة. 
 مجاهد:   (المنافع) : الركوب، واللحم، واللبن، وشبه ذلك. 
وقوله تعالى: ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون   : قال قتادة: لأنها إذا راحت أعظم ما تكون أسنمة وضروعا، و (الرواح) : رجوعها بالعشي من المرعى، و (المراح) : الموضع الذي تروح إليه، و (السرح) و (السروح) : خروجها إلى المرعى بالغداة. 
وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس   : (الأثقال) : 
 [ ص: 10 ] أثقال الناس; من متاع، وطعام، وغيره، وقيل: المراد به: أبدانهم; يدل على ذلك قوله: وأخرجت الأرض أثقالها   [الزلزلة: 2]. 
و (شق الأنفس) : مشقتها; وهو التكره الذي تكاد تنشق منه النفس. 
 قتادة:   (شق الأنفس) : جهدها. 
وقوله: ويخلق ما لا تعلمون   : قيل: يعني: ما أعده لأهل الجنة، ولأهل النار. 
وقيل: هو عام في كل خلق لا يعلم. 
وقال  السدي:  هو خلق السوس في الثياب. 
وقوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل   : قال  ابن عباس:  أي: بيان الهدى من الضلال، وقيل: {السبيل} : الإسلام. 
ومنها جائر   : [أي: ومن السبيل جائر]; أي: عادل عن الحق. 
وقيل: المعنى: وعنها جائر; أي: عن السبيل; فـ (من) بمعنى: (عن) . 
وقيل: معنى قصد السبيل   : مسيركم، ورجوعكم. 
و {السبيل} : واحدة بمعنى الجمع. 
وقوله: لكم منه شراب ومنه شجر  أي: سقي شجر. 
 [ ص: 11 ] وقوله: فيه تسيمون  أي: ترعون، وأصل (السوم) : الإبعاد في المرعى، أسمت الإبل، فأنا مسيم. 
وقوله: وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه  أي: وسخر لكم ما ذرأ لكم في الأرض، قال  قتادة:  يعني: من الأشجار، والثمار، والدواب. 
وقوله: وتستخرجوا منه حلية تلبسونها  يعني: اللؤلؤ، والمرجان، وشبه ذلك. 
وقوله: وترى الفلك مواخر فيه   : قال  الضحاك:  أي تذهب وتجيء. 
 الحسن:   {مواخر} أي: مواقر مشحونة، وعنه أيضا: جواري. 
وقيل: {مواخر} : ملججة في داخل البحر، وأصل (المخر) : شق الماءين عن يمين وشمال، مخرت السفينة تمخر، وتمخر; فهي ماخرة; إذا شقت الماء، وسمع لها صوت. 
وقوله تعالى: وألقى في الأرض رواسي  أي: جبالا; أن تميد بكم  أي: لئلا تميد بكم; أي: تضطرب وتتحرك. 
وأنهارا وسبلا  أي: وجعل فيها أنهارا وسبلا، و (السبل) : الطرق. 
وعلامات  يعني: النجوم، قال  ابن عباس:   (العلامات) : معالم النهار. 
 [ ص: 12 ] وبالنجم هم يهتدون  يعني: بالليل، و (النجم) يراد به: النجوم. 
وقال  الفراء:  الجدي والفرقدان. 
 الكلبي:   (العلامات) : الجبال. 
وقوله تعالى: أفمن يخلق   : هو الله تعالى، كمن لا يخلق  يعني: الأوثان، أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل، على ما تستعمله العرب في ذلك، ويسأل بــ(من) عن الباري تعالى، ولا يسأل عنه بـ(ما) ; لأن (ما) إنما يسأل بها عن الأجناس، والله تعالى ليس بذي جنس; ولذلك أجاب موسى  عليه السلام فرعون  حين قال له: فمن ربكما يا موسى   [طه: 49]، ولم يجب حين قال له: وما رب العالمين   [الشعراء: 23] إلا بجواب (من) ، وأضرب عن جواب (ما) حين كان السؤال فاسدا. 
وقوله: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها  يعني: نعم الله تعالى. 
وقوله: والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون  يعني: الأوثان. 
وقوله: وما يشعرون أيان يبعثون   : [يجوز أن يكون الضمير في {يشعرون} ] للمشركين، ويجوز أن يكون للأصنام; فيكون المعنى: وما تشعر الأصنام متى  [ ص: 13 ] يبعث المشركون؟وقوله تعالى: وإذا قيل لهم ماذا أنـزل ربكم قالوا أساطير الأولين   : قيل: إن هذا أنزل في النضر بن الحارث،   كان يقرأ أخبار العجم على قريش، ويقول: ما يقرأ محمد  على أصحابه إلا أساطير الأولين. 
وقوله: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة   : يجوز أن تكون اللام لام الأمر، والمعنى: التهدد، ويجوز أن تكون لام (كي) ، متعلقة بما قبلها. 
وقوله: ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم   : قال  مجاهد:  يحملون وزر من أضلوه، ولا ينقص من إثم المضل شيء. 
وقوله: قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد  الآية: 
قال  ابن عباس  وغيره: يعني: نمرود بن كنعان،  وكان بنى صرحا بعد أن صنع بالنسور ما صنع، فخر. 
وقيل: إن قوله: قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد   : تمثيل; والمعنى: أهلكهم، فكانوا بمنزلة من سقط عليه بنيانه. 
[وقيل: المعنى: أحبط الله أعمالهم، فكانوا بمنزلة من سقط بنيانه]. 
 [ ص: 14 ]  [وقوله تعالى: فخر عليهم السقف  أي: عن كفرهم وجحودهم; كقولك: (اشتكى فلان عن دواء شربه) ، فلو لم يقل: من فوقهم  على هذا; لتوهم أن السقف خر وليسوا تحته. 
ويجوز أن يكون (على) بمعنى اللام; فالمعنى: فخر لهم; فيحتاج على هذا إلى ذكر من فوقهم  حسب ما تقدم. 
ولا تستعمل العرب (على) في مثل هذا إلا في الشر، ويستعملون اللام في خلافه; يقولون: (خربت عليه ضيعته) ، ولا يقولون: (عمرت عليه) ، و (قال عني) في الحق، و (قال علي) في الكذب، ومثله قوله تعالى: ويقولون على الله الكذب   [آل عمران: 78]. 
وقوله تعالى: أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم   : يريد: أين شركائي على زعمكم؟وقوله: وقيل للذين اتقوا ماذا أنـزل ربكم قالوا خيرا  أي: قالوا: أنزل خيرا، ثم استأنف، فقال: للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة   ; فهو كلام الله تعالى، وقيل: هو من جملة كلام الذين اتقوا. 
وقوله: وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء   : قد تقدم القول في مثله في (الأنعام) [148]، وكذلك كل ما لم أذكره إنما تركت ذكره لما تقدم  [ ص: 15 ] القول في مثله; أو لأنه جلي غير خفي، والقول في قوله: فإن الله لا يهدي من يضل  مذكور في الإعراب. 
وقوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت   : روي: أن رجلا من المسلمين كان له على رجل من المشركين دين، فاقتضاه منه، فقال له في بعض ما قال: والذي أرجوه بعد الموت، فقال له المشرك: وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت؟! وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت; فنزلت الآية. 
وقوله تعالى: ليبين لهم الذي يختلفون فيه   : [يجوز أن تكون اللام متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام; والتقدير: بلى يبعثهم الله; ليبين لهم] الذي يختلفون فيه، ويجوز أن تتعلق بقوله: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا   ; ليبين لهم. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					