قاعدة في اختلاف أحكام التصرفات لاختلاف مصالحها 
اعلم أن الله تعالى شرع في كل تصرف من التصرفات ما يحصل مقاصده ويوفر مصالحه ; فشرع في باب ما يحصل مصالحه العامة والخاصة ، فإن عمت المصلحة جميع التصرفات شرعت تلك المصلحة في كل تصرف ، وإن اختصت ببعض التصرفات شرعت فيما اختصت به دون ما لم تختص به ، بل قد يشترط في بعض الأبواب ما يكون مبطلا في غيره نظرا إلى مصلحة البابين ، كما يشترط استقصاء أوصاف المحكوم له والمحكوم عليه أن ينتهي إلى عزة وجوده المشارك في تلك الأوصاف ، كي لا يقع الحكم على مبهم .  [ ص: 144 ] 
ولو وقع مثل ذلك في السلم لأفسده لأنه مؤد إلى تعذر تحصيل مقصوده ، ولذلك شرط التوقيت في الإجارة والمساقاة والمزارعة ، ولو وقع التوقيت في النكاح لأفسده لمنافاته لمقصوده ، وكذلك شرط في العقود اللازمة على المنافع أن يكون أجلها معلوما وجعل أجل النكاح مقدرا لعمر أقصر الزوجين عمرا . 
فمن ذلك أن الشرع منع من بيع المعدوم وإجارته وهبته  لما في ذلك من الغرر وعدم الحاجة ، وجوز عقود المنافع مع عدمها إذ لا يتصور وجودها حال العقد ، ولا تحصل منافعها إلا كذلك وقد جوز  الشافعي  رحمه الله إجارة المنافع بالمنافع ، وإن كانتا معدومتين ، كما جوزت الشريعة عقد النكاح بتعليم القرآن  ، وهو مقابلة منفعة التعليم بمنفعة البضع ، والتقدير زوجتكها بتعليم ما معك من القرآن أو بتلقين ما معك من القرآن ، وكما أنكح شعيب  ابنته من موسى  برعي عشر حجج مقابل منافع البضع بالرعي ، كما قابل صلى الله عليه وسلم منافع البضع بتعليم القرآن . 
				
						
						
