حد السكر    " فيه عبارات " قال  الشافعي    : السكران هو الذي اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم . وقال  المزني    : هو الذي لا يفرق بين السماء والأرض ولا بين أمه وامرأته . وقيل : هو الذي يفصح بما كان يحتشم منه . وقيل : الذي يتمايل في مشيه ويهذي في كلامه وقيل : الذي لا يعلم ما يقول وقال ابن سريج    : الرجوع فيه إلى العادة ، فإذا انتهى تغيره إلى حالة يقع عليه اسم  [ ص: 218 ] السكران ، فهو المراد بالسكران . قال الرافعي    : وهو الأقرب ، ولم يرتض الإمام  شيئا من هذه العبارات ، وقال : الشارب له ثلاثة أحوال    : أولها : هزة ونشاط ، يأخذه إذا دبت الخمر فيه ولم تستول عليه بعد ، ولا يزول العقل في هذه الحالة بلا خلاف ، فهذا ينفذ طلاقه وتصرفاته لبقاء عقله . 
الثانية : نهاية السكر : وهو أن يصير طافحا ويسقط كالمغشي عليه ، لا يتكلم ولا يكاد يتحرك ، فلا ينفذ طلاقه ولا غيره ; لأنه لا عقل له . 
الثالثة : حالة متوسطة بينهما : وهو أن تختلط أحواله ولا تنتظم أقواله وأفعاله ويبقى تمييز وفهم وكلام ، فهذه الثلاثة سكر ، وفيها القولان ، وما ذكره في الحالة الثانية تابعه عليه الغزالي  ، وجعلا لفظه كلفظ النائم . 
قال الرافعي  في الطلاق : ومن الأصحاب من جعله على الخلاف ، لتعديه بالتسبب إلى هذه الحالة ، قال : وهو أوفق لإطلاق الأكثرين . 
قال الإسنوي    : وقد خالف في مواضع ، فجزم بأن الطافح الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو . 
ومنها : في ولاية النكاح فقال : السكر إن حصل بسبب يفسق به ، فإن قلنا : الفاسق لا يلي ، فذاك ، وإن قلنا : يلي أو حصل بسبب لا يفسق ، فإن لم ينفذ تصرف السكران فالسكر كالإغماء ، وإن جعلنا تصرفه كتصرف الصاحي ، فمنهم من صحح تزويجه ومنهم من منع لاختلال نظره ، ثم الخلاف فيما إذا بقي له تمييز ونظر ، فأما الطافح الذي سقط تمييزه بالكلية فكلامه لغو ، ومنها : في أواخر الطلاق قال : إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته وهو سكران  ، أو مجنون طلقت . 
قال ابن الصباغ    : يشترط أن السكران بحيث يسمع ويتكلم . وأما كلامها في سكرها  ، فتطلق به على الأصح إلا إذا انتهت إلى السكر الطافح . وذكر مثله في الأيمان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					