4148 4149 ص: وكان من الحجة لهم عندنا على أهل المقالة الأولى: أن هذا الحديث إنما فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن للصبي حجا، وهذا مما قد أجمع الناس جميعا عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجا كما أن له صلاة، وليست تلك الصلاة فريضة عليه، فكذلك أيضا يجوز أن يكون له حج وليس ذلك الحج بفريضة عليه، وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي، فأما من يقول: إن له حجا وهذا ابن عباس هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله -عليه السلام- ثم قد صرف هو حج الصبي إلى غير الفريضة، وأنه لا يجزئه بعد بلوغه من حجة الإسلام.
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا عبد الله بن رجاء ، قال: ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، قال: سمعت ابن عباس يقول: "يا أيها الناس أسمعوني ما تقولون، ولا تخرجوا تقولون: (قال ابن عباس، قال ابن عباس) : أيما غلام حج به أهله فمات فقد قضى حجة الإسلام، فإن أدرك فعليه الحج، ، وأيما عبد حج به أهله فمات فقد قضى حجة الإسلام، فإن أعتق فعليه الحج".
[ ص: 246 ] حدثنا محمد ، قال: ثنا حجاج ، قال: ثنا حماد ، عن يونس بن عبيد ، عن عبيد صاحب الحلي قال: "سألت ابن عباس عن المملوك إذا حج ثم عتق بعد ذلك، قال: فعليه الحج ) . أيضا، وعن الصبي يحج ثم يحتلم، قال: يحج أيضا".
وقد زعمتم أن من روى حديثا فهو أعلم بتأويله، فهذا ابن عباس قد روى عن النبي -عليه السلام- ما قد ذكرنا في أول هذا الباب، ثم قال هو ما قد ذكرنا، فيجب على أصلكم أن يكون ذلك دليلا على معنى ما روي عن النبي -عليه السلام- من ذلك.


