قوله ( وتصح للحمل ، إذا علم أنه كان موجودا حين الوصية ) هذا بلا نزاع . لكن هل الوصية له تعلق على خروجه حيا  وهو اختيار  القاضي  ،  وابن عقيل  في بعض كلامه ، أو يثبت الملك له من حين موت الموصي وقبول الولي له ؟ . واختار  ابن عقيل  أيضا في بعض كلامه فيه وجهان .  [ ص: 227 ] وصرح  أبو المعالي ابن منجا  بالثاني ، وقال : ينعقد الحول عليه من حين الملك إذا كان مالا زكويا . وكذلك في المملوك بالإرث . وحكى وجها آخر : أنه لا يجري في حول الزكاة ، حتى يوضع . للتردد في كونه حيا مالكا كالمكاتب . 
قال في القواعد : ولا يعرف هذا التفريع في المذهب 
قوله ( بأن تضعه لأقل من ستة أشهر ، إن كانت ذات زوج ، أو سيد يطؤها ، أو لأقل من أربع سنين ، إن لم تكن كذلك ، في أحد الوجهين ) . يعني : إن لم تكن ذات زوج ، ولا سيد يطؤها . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، وشرح ابن منجا  ، والفروع ، والفائق . 
أحدهما : تصح الوصية له إذا وضعته لأقل من أربع سنين بالشرط المتقدم . وهو المذهب . 
قال في الوجيز : وتصح لحمل تحقق وجوده قبلها    . وصححه في التصحيح وجزم به في الكافي ، والمغني ، والشرح . وقدمه في الخلاصة . 
والوجه الثاني : لا تصح الوصية . لأنه مشكوك في وجوده . ولا يلزم من لحوق النسب صحة الوصية . ويأتي كلامه في المحرر وغيره تنبيهان 
أحدهما : لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها . وكذا قال في المغني ، وجماعة . وقال  القاضي  في المجرد ،  وابن عقيل  في الفصول : إن أتت به لدون ستة  [ ص: 228 ] أشهر من حين الوصية  صحت ، سواء كانت فراشا أو بائنا . لأنا نتحقق وجوده حال الوصية . قال الحارثي    : وهو الصواب ، جزما . وهو كما قال . 
الثاني : قوله " أو لأقل من أربع سنين " هذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين . وهو المذهب ، على ما يأتي في كلام  المصنف  مصرحا به في أول كتاب العدد . 
وأما إذا قلنا : إن أكثر مدة الحمل : سنتان ، فبأن تضعه لأقل من سنتين . والشارح  رحمه الله جعل الوجهين اللذين ذكرهما  المصنف  مبنيان على الخلاف في أكثر مدة الحمل . 
والأولى : أن الخلاف في صحة الوصية وعدمها . وعليه شرح ابن منجا    . وهو الصواب . فائدة : 
قال  المصنف  وغيره : فإن كانت فراشا لزوج أو سيد ، إلا أنه لا يطؤها لكونه غائبا في بلد بعيد ، أو مريضا مرضا يمنع الوطء ، أو كان أسيرا ، أو محبوسا ، أو علم الورثة أنه يطؤها ، أو أقروا بذلك : فإن أصحابنا لم يفرقوا بين هذه الصورة وبين ما إذا كان يطؤها . 
قال  المصنف    : ويحتمل أنها متى أتت به في هذه الحال ، أو وقت يغلب على الظن أنه كان موجودا حال الوصية مثل أن تضعه لأقل من غالب مدة الحمل أو تكون أمارات الحمل ظاهرة ، أو أتت به على وجه يغلب على الظن أنه كان موجودا بأمارات الحمل ، بحيث يحكم لها بكونها حاملا : صحت الوصية له . انتهى . قلت    : وهذا هو الصواب . وجزم به في الكافي .  [ ص: 229 ] قال الزركشي    : وجزم به في المغني . وليس كذلك . وقد تقدم لفظه . قال في الرعاية الكبرى : ولا تصح الوصية للحمل  ، إلا أن تضعه لدون ستة أشهر من حين الوصية . وقيل : إذا ما وضعته بعدها لزوج أو سيد ولم يلحق نسبه إلا بتقدير وطء قبل الوصية : صحت له أيضا . انتهى . وقال في الفروع : فإن أتت به لأكثر من ستة أشهر ولا وطء فوجهان . ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل . وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والفائق : ولا تصح وصية لحمل إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ وصى له . وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل ما لم يلحق الواطئ نسبه إلا بوطء قبل الوصية : صحت ، وإلا فلا . وإن ولد لأكثر مدة الحمل فأقل ، ولا وطء  إذا : فوجهان . وقال في الكبرى : ولا تصح له إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ الوصية . وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل إذا لم يلحق فلا تصح الوصية له . وإن كانت بائنا فكذلك . 
وقيل : لا تصح الوصية ، وإن ولدته بعد أكثر مدة الحمل من حين الفرقة وأكثر من ستة أشهر من حين الوصية  لم يلحقه . فلا تصح الوصية له . وإن ولدته لأقل من أربع سنين منذ الفرقة  لحقه . وصحت . وإن وصى لحمل من زوج أو سيد  يلحقه : صحت . وإن كان منفيا بلعان ، أو بدعوى الاستبراء فلا . وإن كانت فراشا لزوج أو سيد ، وما يطؤها لبعد ، أو مرض ، أو أسر ، أو حبس لحقه وصحت الوصية .  [ ص: 230 ] وقيل : وكذا إن وطئها . ويحتمل أن يلحقه إن ظننا أنه كان موجودا حين الوصية . انتهى . 
تنبيه : 
قول  المصنف    " لأقل من ستة أشهر ، ولأقل من أربع سنين " وكذا قال الأصحاب . قال ابن منجا  في شرحه : ولم يذكر  المصنف    " بأن تضعه لستة أشهر ، أو لأربع سنين " ولا بد منها . فإنها إذا وضعته لستة أشهر ، أو لأربع سنين : علم أيضا أنه كان موجودا . لاستحالة أن يولد ولد لأقل من ستة أشهر . وتبع في ذلك  المصنف  في المغني . والصواب : ما قاله  المصنف  هنا والأصحاب . ولذلك قال الزركشي    : انعكس على ابن منجا  الأمر . انتهى . فائدتان 
إحداهما : لو وصى لحمل امرأة ، فولدت ذكرا وأنثى    : تساويا في ذلك . وأما الوصية بالحمل : فتأتى في كلام  المصنف  في أول باب الموصى به . 
الثانية : لو قال " إن كان في بطنك ذكر : فله كذا . وإن كان أنثى : فكذا " فكان فيه ذكر وأنثى  ، فلهما ما شرط . ولو كان قال " إن كان ما في بطنك ذكر : فله كذا ، وإن كان ما في بطنك أنثى : فله كذا    " فكان فيه ذكر وأنثى : فلا شيء لهما . قاله في الفروع . وإن كان خنثى  في المسألة الأولى فقال في الكافي : له ما للأنثى حتى يتبين أمره 
				
						
						
