( وتصح ) الإجارة لكل ما لا تجب له نية  كما أفهمه كلامه  ،  ولهذا فصله عما قبله المستثنى من المنطوق فتصح لتحصيل مباح كصيد ( ولتجهيز ميت ودفنه ) هو من عطف الخاص على العام اهتماما به وإن تعين عليه لوجوب مؤن ذلك في ماله بالأصالة ثم في مال ممونه ثم المياسير  ،  فلم يقصد الأجير لنفسه حتى يقع عنه ولا يضر عروض تعينه عليه كالمضطر فإنه يتعين إطعامه مع تغريمه البدل ( وتعليم القرآن ) كله أو بعضه وإن تعين عليه تعليمه لخبر { إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله   } وصرح به مع علمه مما مر نظرا أو تقديرا لاستثنائه من العبادة واهتماما به لشهرة الخلاف فيه وكثرة الأحاديث الدالة بظاهرها على امتناعه  ،  ولو استأجره على تعليم ما نسخ حكمه فقط أو تلاوته  كذلك صح فيما يظهر  ،  ولو قال سيد رقيق صغير لمعلمه لا تمكنه من الخروج لقضاء حاجة إلا مع وكيل  [ ص: 293 ] فوكل به صغيرا فهرب منه  ضمنه لتفريطه  ،  ولا تصح لقضاء ولا تدريس علم إلا إن عين المتعلم وما يعلمه ومثل ذلك الإعادة فيما يظهر  ،  وينبغي مجيء مثله في الاستئجار للقضاء  ،  وكالتدريس الإقراء لشيء من القرآن أو الأحاديث . 
ويجوز الاستئجار للمباحات  كما جزم به الإمام  ،  واقتضاه بناء غيره له على جواز التوكيل فيها  ،  وتصح لقراءة القرآن عند القبر أو مع الدعاء بمثل ما حصل من الأجر له أو لغيره عقبها  عين مكانا أو زمانا أو لا للميت أو المستأجر أو بحضرة المستأجر  ،  ومع ذكره في القلب حالتها كما أفاده السبكي  لأن موضعها موضع بركة وتنزل رحمة والدعاء بعدها أقرب إجابة  ،  وإحضار المستأجر في القلب سبب لشمول الرحمة له إذا تنزلت على قلب القارئ  ،  وألحق بها الاستئجار لمحض الذكر والدعاء عقبه  ،  وسيأتي في الوصايا ما يعلم منه أن وجود استحضاره بقلبه أو كونه بحضرته كاف وإن لم يجتمعا  ،  وما جرت به العادة بعدها من قوله اجعل ثواب ذلك أو مثله مقدما إلى حضرته صلى الله عليه وسلم أو زيادة في شرفه جائز  ،  كما قاله جماعات من المتأخرين وأفتى به الوالد  رحمه الله تعالى وقال : إنه حسن مندوب إليه : خلافا لمن وهم فيه لأنه صلى الله عليه وسلم أذن لنا بأمره بنحو سؤال الوسيلة له  [ ص: 294 ] في كل دعاء بما فيه زيادة تعظيمه  ،  وحذف مثل في الأولى كثير شائع في اللغة والاستعمال نظير ما مر في بما باع به فلان فرسه  ،  وليس في الدعاء بالزيادة في الشرف إيهام نقص كما أوضحت ذلك في إفتاء طويل . 
وفي حديث  أبي  المشهور { أجعل لك من صلاتي   } أي دعائي أصل عظيم في الدعاء عقب القراءة وغيرها  ،  ومن الزيادة في شرفه أن يتقبل الله عمل الداعي بذلك ويثيبه عليه  ،  وكل من أثيب من الأمة كان له صلى الله عليه وسلم مثل ثوابه متضاعفا بعدد الوسائط التي بينه وبين كل عامل مع اعتبار زيادة مضاعفة كل مرتبة عما بعدها  ،  ففي الأولى ثواب إبلاغ الصحابي وعمله وفي الثانية هذا وإبلاغ التابعي وعمله  ،  وفي الثالثة ذلك كله وإبلاغ تابع التابعي وهكذا وذلك شرف لا نهاية له . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					