واعلم أنه لو استأجره لقراءة القرآن فقرأ جنبا ولو ناسيا لم يستحق شيئا إذ القصد بالاستئجار لها حصول ثوابها لأنه أقرب إلى نزول الرحمة وقبول الدعاء عقبها ،والجنب لا ثواب له على قراءته بل على قصده في صورة النسيان ، كمن صلى بنجاسة ناسيا لا يثاب على أفعال الصلاة المتوقفة على الطهارة ، بل على ما لا يتوقف عليها كالقراءة والذكر والخشوع وقصده فعل العبادة مع عذره ، فيحمل إطلاق إثابة الجنب الناسي على إثابته على القصد فقط . وإثابته لا تحصل غرض المستأجر المذكور ، ويؤيد عدم الاعتداد بقراءته نفي سنية سجود التلاوة لها كما مر ، وقولهم لو نذرها فقرأ جنبا لم يجزئه إذ القصد من النذر التقرب لا المعصية : أي ولو في الصورة لتدخل قراءة الناسي فلا يتقرب بها ، وبه فارق البر بقراءة الجنب سواء أنص في حلفه على القراءة وحدها أم مع الجنابة ، ويلغو النذر إن نص عليها فيه مع الجنابة ، والأوجه أنه لو استأجره لتعليم القرآن استحق وإن كان جنبا لأن الثواب هنا غير مقصود بالذات وإنما المقصود التعليم وهو حاصل مع الجنابة ، ولو ترك من القراءة المستأجر عليها آيات فالأوجه لزوم قراءة ما تركه ولا يلزمه استئناف ما بعده ، وأنه لو استأجره لقراءة على قبر لا يلزمه عند الشروع أن ينوي أن ذلك عما استؤجر عنه بل الشرط عدل الصارف ، ولا ينافيه تصريحهم في النذر باشتراط نيته أنها عنه لأن هنا قرينة صارفة لوقوعها عما استؤجر له بخلاف ما ذكر ثم ، ويؤخذ منه أنه لو استؤجر [ ص: 295 ] لمطلق القراءة وصححناه احتاج إلى النية فيما يظهر .


