( فصل )
في الأذان ، والإقامة . الأصل فيهما الإجماع المسبوق برؤية عبد الله بن زيد المشهورة [ ص: 460 ] ليلة تشاورا فيما يجمع الناس ورآه عمر فيها أيضا قيل وبضعة عشر صحابيا وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم سمى تلك الرؤية وحيا وصح قوله إنها رؤيا حق إن شاء الله وفي حديث عند البزار فيه مقال أنه صلى الله عليه وسلم أريه ليلة الإسراء ، ثم أخر للمدينة حتى وجدت تلك المرائي وكان حكمة ترتبه دون سائر الأحكام عليها أنه تميز مع اختصاره بأنه جامع لسائر أصول الشريعة وكمالاتها فاحتاج لما يؤذن بهذا التميز ولا شك أن تقدم تلك الرؤيا مع شهادته صلى الله عليه وسلم بأنها حق ومقارنة الوحي لها ، أو سبقه عليها لرواية أبي داود وغيره { أنه قال لعمر لما أخبره برؤيته سبقك بها الوحي } رفع لشأنه وتعظيم لقدره ( الأذان ) بالمعجمة وهو لغة الإعلام وشرعا ذكر مخصوص شرع أصله للإعلام بالصلاة المكتوبة
( ، والإقامة ) وهي لغة مصدر أقام وشرعا الذكر الآتي ؛ لأنه يقيم إلى الصلاة كل منهما مشروع إجماعا ، ثم الأصح أن كلا منهما ( سنة ) على الكفاية كابتداء السلام إذ لم يثبت ما يصرح بوجوبهما ( وقيل ) إنهما ( فرض كفاية ) لكل من الخمس للخبر المتفق عليه { إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم } ولأنها من الشعائر الظاهرة كالجماعة وهو قوي ومن ثم اختاره جمع فيقاتل أهل بلد تركوهما ، أو أحدهما بحيث لم يظهر الشعار ففي بلد صغيرة يكفي بمحل وكبيرة لا بد من محال نظير ما يأتي في الجماعة
والضابط أن يكون بحيث يسمعه كل أهلها لو أصغوا إليه وعلى الأول [ ص: 461 ] لا قتال لكن لا بد في حصول السنة بالنسبة لكل أهل البلد من ظهور الشعار كما ذكر فعلم أنه لا ينافيه ما يأتي أن أذان الجماعة يكفي سماع واحد له ؛ لأنه بالنظر لأداء أصل سنة الأذان وهذا بالنظر لأدائه عن جميع أهل البلد ومن ثم لو أذن واحد في طرف كبيرة حصلت السنة لأهله دون غيرهم وبهذا يعلم أنه لا فرق فيما ذكر بين أذان الجمعة وغيرها وإن كانت لا تقام إلا بمحل واحد من البلد ؛ لأن القصد من الأذان غيره من إقامتها كما هو واضح من قولنا فعلم أنه لا ينافيه ما يأتي إلى آخره


