( الثاني زوال العقل ) أي التمييز بجنون أو إغماء [ ص: 135 ] أو نحو سكر ولو ممكنا مقعده إجماعا أو نوم للخبر الصحيح { فمن نام فليتوضأ } وقد بينت خلاصة ما للعلماء في تعريف العقل وتوابعه في شرح العباب وهو أفضل من العلم ؛ لأنه منبعه وأسه ؛ لأن العلم يجري منه مجرى النور من الشمس والرؤية من العين ومن عكس أراد من حيث استلزامه له ، وأنه تعالى يوصف به لا بالعقل ( إلا ) متصل كما عرف في تفسير العقل بما ذكر ( نوم ) قاعد ( ممكن مقعده ) أي ألييه من مقره ولو دابة سائرة ، وإن استند لما لو زال عنه لسقط أو احتبى وليس بين بعض مقعده ومقره تجاف للأمن من خروج شيء حينئذ وعليه حملنا خبر مسلم أن الصحابة كانوا ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون وفي رواية لأبي داود ينامون حتى تخفق رءوسهم الأرض [ ص: 136 ]
ويؤخذ من قولهم للأمن إلى آخره أنه لو أخبر نائما غير ممكن معصوم كالخضر بناء على الأصح أنه نبي بأنه لم يخرج منه شيء لم ينتقض وضوءه واعتمده بعضهم وقد تنازعه قاعدة أن ما نيط بالمظنة لا فرق بين وجوده وعدمه كالمشقة في السفر وعلى هذا يتجه عد المتن الزوال نفسه في غير النائم الممكن سببا للحدث .
وأما على الأول فوجه عده أنه سبب لخروج شيء من الدبر غالبا فكأنه قال الأول الخروج نفسه والثاني سببه وخرج بالقاعد الممكن غيره كالنائم على قفاه ، وإن استثفر وألصق مقعده بمقره وبالنوم النعاس وأوائل نشأة السكر لبقاء نوع من التمييز معهما إذ من علامات النعاس سماع كلام الحاضرين ، وإن لم يفهمه ولا ينتقض وضوء شاك هل نام أو نعس أو هل كان ممكنا أو لا أو هل زالت أليته قبل اليقظة أو بعدها وتيقن الرؤيا مع عدم تذكر نوم لا أثر له بخلافه [ ص: 137 ] مع الشك فيه ؛ لأنها مرجحة لأحد طرفيه ولا وضوء نبينا كسائر الأنبياء صلى الله عليهم وسلم بالنوم لبقاء يقظة قلوبهم فتدرك الخارج وعدم إدراكه لطلوع الشمس في قصة الوادي ؛ لأن رؤيتها من وظائف البصر أو صرف القلب عنه للتشريع المستفاد منه في هذه القصة من الأحكام ما لا يحصى كثرة


