369 -  رياح بن عمرو القيسي  
ومنهم المتخشع البكاء ، المتضرع الدعاء ،  أبو المهاجر رياح بن عمرو القيسي    . 
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر  ، ثنا  أبو يعلى الموصلي  ، ثنا محمد بن الحسين البرجلاني  ، حدثني مالك بن ضيغم  ، عن أبيه . قال : جاءنا رياح القيسي  يسأل عن أبي بعد العصر ، فقلنا : هو نائم ، فقال : أنوم بعد العصر ؟ هذه الساعة ؟ هذا وقت نوم ؟ ثم ولى . فأتبعناه رجلا فقلنا الحقه ، فقل : نوقظه لك ، قال : فجاء بعد المغرب ، فقلنا : أبلغته ؟ قال :هو كان أشغل من أن يفهم عني ، أدركته وهو يدخل المقابر وهو يوبخ نفسه ، أقلت أي نوم هذا ؟ لينم الرجل متى شاء ، تسألين عما لا يعنيك  ، أما إن لله - عز وجل - علي عهدا لا أنقضه فيما بيني وبينه أبدا ، أن لا أوسدك النوم حولا . قال : فلما سمعت منه هذا تركته وانصرفت   . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر  ، ثنا أبو بكر بن عبيد  ، حدثني عبد الرحيم بن يحيى  ، ثنا عثمان    . قال : أخبرتني مخنة    - وكانت إحدى العوابد - قالت : رأيت  رياح بن عمرو القيسي  ليلة خلف المقام ، فذهبت فقمت خلفه حتى أزحفت ،   [ ص: 193 ] ثم اضطجعت وهو قائم ، فأنا أنظر إليه ، فقلت بصوت لي حزين : سبقني العابدون وبقيت وحدي ، والهف نفساه  ، فإذا رياح  قد شهق ، وانكب على وجهه مغشيا عليه ، فامتلأ فمه رملا ، فما زال كذلك حتى أصبحنا ثم أفاق   . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد  ، ثنا أبو بكر  ، حدثني محمد بن الحسين  ، حدثني أبو عمرو الضرير  ، حدثني الحارث بن سعيد  ، قال : أخذ بيدي رياح القيسي  يوما ، فقال : هلم يا أبا محمد  حتى نبكي على ممر الساعات ونحن على هذه الحال  ، قال : وخرجت معه إلى المقابر ، فلما نظر إلى القبور صرخ ثم خر مغشيا عليه ، قال : فجلست والله عند رأسه أبكي ، قال : فأفاق ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : لما أرى بك ، قال : لنفسك فابك ، ثم قال : وانفساه ، وانفساه ، ثم غشي عليه ، قال : فرحمته والله مما نزل به ، فلم أزل عند رأسه حتى أفاق ، قال : فوثب وهو يقول : تلك إذا كرة خاسرة ، تلك إذا كرة خاسرة ، ومضى على وجهه وأنا أتبعه لا يكلمني حتى انتهى إلى منزله ، فدخل وصفق بابه ، ورجعت إلى أهلي ، ولم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات رحمة الله تعالى عليه   . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد  ، ثنا أبو بكر  ، حدثني إبراهيم بن عبد الملك  ، حدثني إسحاق بن إبراهيم الثقفي  ، حدثني  رياح بن عمرو القيسي ،  قال : أتيت الأبرد بن ضرار  في بني سعد  ، فقال لي : يا رياح  هل طالت بك الليالي والأيام ؟ فقلت له : بم ؟ قال : بالشوق إلى لقاء الله ، قال : فسكت ، ولم أقل شيئا حتى أتيت رابعة ، فقلت لها : تلثمي بثوبك واستتري بجهدك ، فقد سألني الأبرد  مسألة لم أقل فيها شيئا ، فقالت : ما سألك ؟ فقلت لها : قال لي : هل طالت بك الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله  ، قالت لي رابعة    : فقلت ماذا ؟ قلت : لم أقل نعم فأكذب ، ولم أقل لا فأهجن نفسي ، قال فسمعت تخريق قميصها من وراء ثوبها وهي تقول : لكني ، نعم   . 
حدثنا محمد بن أحمد بن أبان  ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان  ، ثنا محمد بن الحسين  ، ثنا معاذ أبو عون الضرير  ، قال : كنت أكون قريبا من الجبان ، فكان يمر بي رياح القيسي  بعد المغرب إذا خلت الطريق ، وكنت   [ ص: 194 ] أسمعه وهو ينشج بالبكاء  ، ويقول : إلى كم يا ليل ويا نهار تحطان من أجلي وأنا غافل عما يراد بي ، إنا لله ، إنا لله ، فهو كذلك حتى يغيب عني وجهه . 
حدثنا محمد بن أحمد  ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا علي بن الحسن بن أبي مريم  ، قال : قال رياح القيسي    : لي نيف وأربعون ذنبا ، قد استغفرت لكل ذنب مائة ألف مرة    . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر  ، ثنا أبو بكر بن عبيد  ، ثنا محمد بن الحسين  ، قال : ثنا عبيد الله بن محمد التيمي  ، قال : قال رياح القيسي    : لا أجعل لبطني على عقلي سبيلا أيام الدنيا  ، فكان لا يشبع ، إنما كان يأكل بلغه بقدر ما يمسك الرمق . 
حدثنا أبي قال :ثنا أحمد  ، ثنا أبو بكر  ، ثنا محمد  ، ثنا معاذ أبو عون الضرير  ، ثنا عبد المؤمن الصائغ  ، قال : دعوت رياحا  ذات ليلة إلى منزلي ونحن بعبادان ، فجاء في السحر ، فقربت إليه طعاما فأصاب منه شيئا ، فقلت : ازدد فما أراك شبعت ، قال : فصاح صيحة أفزعني ، وقال : كيف أشبع في أيام الدنيا وشجرة الزقوم طعام الأثيم بين يدي  ؟! قال : فرفعت الطعام من بين يديه ، فقلت : أنت في شيء ونحن في شيء . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، ثنا إبراهيم بن الجنيد  ، حدثني محمد بن عيسى  ، عن محمد بن يحيى  ، قال : قال رياح القيسي    : كما لا تنظر الأبصار إلى شعاع الشمس ، كذلك لا تنظر قلوب محبي الدنيا إلى نور الحكمة أبدا    . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ح . وحدثنا أبو حامد بن جبلة  ، ثنا محمد بن إسحاق  ، قالا : ثنا علي بن مسلم  ، ثنا سيار  ، ثنا  رياح بن عمرو  ، قال : سمعت  مالك بن دينار  ، يقول : لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة  ، ويأوي إلى مزابل الكلاب   . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر  ، ثنا أبو بكر بن عبيد  ، حدثني محمد بن قدامة  ، ثنا  موسى بن داود  ، ثنا رياح  ، عن الحسن    : أنه كانت الدودة تقع من   [ ص: 195 ] جسد أيوب  فيأخذها فيعيدها إلى مكانها ، ويقول كلي من رزق الله   . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، ثنا إبراهيم بن الجنيد  ، ثنا محمد بن الحسين  ، ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو  ، قال : نظرت رابعة  إلى رياح  وهو يقبل صبيا من أهله ويضمه إليه ، فقالت : أتحبه ؟ قال : نعم ! قالت : ما كنت أحسب أن في قلبك موضعا فارغا لمحبة غيره تبارك اسمه ، قال : فصرخ رياح  وخر مغشيا عليه ، ثم أفاق وهو يمسح العرق عن وجهه وهو يقول : رحمة منه تعالى ذكره ألقاها في قلوب العباد للأطفال    . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا أحمد بن الحسين  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، حدثني محمد بن مسلم  ، ثنا سيار  ، ثنا رياح  ، قال : قال لي عتبة  الغلام : يا رياح  من لم يكن معنا فهو علينا    . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد  ، ثنا عبد الله بن محمد  ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم  ، ثنا جعفر بن أبي جعفر  ، عن رياح  ، قال : كان عندنا سليمانان رجل يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة حتى أقعد من رجليه ، فكان يصلي جالسا ألف ركعة  ، فإذا صلى العصر احتبى واستقبل القبلة ، ويقول : عجبت للخليقة كيف آنست بسواك ، بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك   . 
حدثنا أبي ، ثنا أحمد  ، ثنا عبد الله  ، حدثني محمد بن الحسين  ، حدثني عبيد الله بن محمد  ، حدثني محمد بن مسعر  ، قال : كان لرياح القيسي  غل من حديد قد اتخذه فكان إذا جنه الليل وضعه في عنقه ، وجعل يبكي ويتضرع حتى يصبح    . 
حدثنا أبو بكر بن محمد بن جعفر بن يوسف المكتب  ، ثنا إسحاق بن إبراهيم  ، ثنا  علي بن مسلم الطوسي  ، ثنا سيار بن حاتم  ، ثنا رياح  ، ثنا  ثور بن يزيد  ، قال : قرأت في التوراة أن عيسى  عليه السلام قال :يا معشر الحواريين كلموا الله كثيرا ، وكلموا الناس قليلا  ، قالوا : كيف نكلم الله كثيرا ؟ قال : اخلوا بمناجاته ، اخلوا بدعائه   . 
 [ ص: 196 ] حدثنا أبو بكر بن مالك  ، ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، ثنا علي بن مسلم  ، ثنا سيار  ، ثنا رياح  ، قال : سمعت حسان بن أبي سنان  ، يقول : والله ما سمعت الحسن  ذاكرا الدنيا في مجلسه قط  ، إلا أنه ربما قال تعلمون أن أحدا يخرج ؟ فيكتب معه إلى أخيه سعيد  كتابا   . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، ثنا عبد الله بن أحمد  ، ح . وحدثنا محمد بن جعفر  ، ثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قالا : ثنا علي بن مسلم  ، ثنا سيار  ، ثنا رياح  ، قال : ثنا حسان  ، قال : سمعت الحسن  ، يقول : أدركت سبعين بدريا ، وصليت خلفهم وأخذت بحجزهم    . 
حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن  ، ثنا محمد بن يزيد المستملي  ، ثنا داود بن محمد  ، قال : رأى رجل رياحا  بالمصيصة يأكل خبزا وملحا فقال : تأكل خبزا وملحا في هذا الريف بالمصيصة ؟ قال : نعم حتى ندرك الشواء والعرس في الدار الأخرى  ، قال : وخرج رياح  في نفر إلى الحباب  راجلا فلما بلغ العقبة  عند المقابر إذا رجل على فرس ومعه فرس يقوده وهو ينادي يا ثور ، يا ثور ، فقال له رياح    : هل لك في ثور مكان ثور ؟ قال : فأعطاه الفرس فنفر عليه فلقي العدو فقتل فلم ير الرجل الدافع الفرس ، ولا يدري من أين هو . 
				
						
						
