ذكر حال  أبي عبد الرحمن العمري   
قد تقدم ذكر  أبي عبد الرحمن العمري ، واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب     . 
وكان سبب ظهوره بمصر  أن البجاة  أقبلت يوم العيد ، فنهبوا وقتلوا وعادوا غانمين ، وفعلوا ذلك مرات ، فخرج هذا  العمري  غضبا لله وللمسلمين ، وكمن لهم في طريقهم ،   [ ص: 312 ] فلما عادوا خرج عليهم ، وقتل مقدمهم ومن معه ، ودخل بلادهم فنهبها ، وقتل فيهم فأكثر ، ونهبوا وسبوا ما لا يحصى ، وتابع عليهم الغارات حتى أدوا إليه الجزية ، ولم يفعلوها قبل ذلك . 
واشتدت شوكة  العمري  ، وكثر أتباعه ، فلما بلغ خبره   ابن طولون  سير إليه جيشا كثيفا ، فلما التقوا تقدم  العمري  ، وقال لمقدم الجيش : إن   ابن طولون  لا يعرف خبري ، لا شك ، على حقيقته ، فإني لم أخرج للفساد ، ولم يتأذ بي مسلم ولا ذمي ، وإنما خرجت طلبا للجهاد ، فاكتب إلى الأمير  أحمد  عرفه كيف حالي ، فإن أمرك بالانصراف فانصرف ، وإلا إن أمرك بغير ذلك كنت معذورا . فلم يجبه إلى ذلك ، وقاتله ، فانهزم جيش   ابن طولون  ، فلما وصلوا إليه أخبروه بحال  العمري  فقال : كنتم أنهيتم حاله إلي ، فإنه نصر عليكم ببغيكم ، وتركه . 
فلما كان بعد مدة وثب على  العمري  غلامان له فقتلاه ، وحملا رأسه إلى   أحمد بن طولون  ، فلما حضرا عنده سألهما عن سبب قتله ، فقالا : أردنا التقرب إليك بذلك ، فقتلهما ، وأمر برأس  العمري  فغسل ، وكفن ، ودفن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					