[ ص: 70 ] وأما عمدتهم في النظر ، والعقليات ، فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة ، ووافقوهم في مسائل الصفات ، والقدر ، والمعتزلة في الجملة [1] أعقل ، وأصدق ، وليس في المعتزلة من يطعن في خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان [ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ] [2] ، بل هم متفقون على تثبيت خلافة الثلاثة .
وأما التفضيل ، فأئمتهم ، وجمهورهم كانوا يفضلون أبا بكر ، وعمر [ رضي الله عنهما ] [3] ، وفي متأخريهم من توقف في التفصيل ، وبعضهم فضل عليا ، فصار بينهم وبين الزيدية نسب واشج [4] من جهة المشاركة في التوحيد ، والعدل ، والإمامة ، والتفضيل ، وكان قدماء المعتزلة ، [ وأئمتهم ] [5] كعمرو بن عبيد [6] ، وواصل بن عطاء ،
[7] وغيرهم متوقفين . [8] في عدالة [ ص: 71 ] علي ، فيقولون - أو من يقول منهم - : قد فسقت إحدى الطائفتين - إما علي ، وإما طلحة ، والزبير - لا يعينها [9] ، فإن شهد هذا ، وهذا لم تقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا يعينه [10] ، وإن شهد علي مع شخص آخر عدل ، ففي قبول شهادة علي بينهم نزاع .
وكان متكلمو الشيعة كهشام بن الحكم [11] ، وهشام بن الجواليقي [12] ، ويونس بن عبد الرحمن القمي [13] ، وأمثالهم يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة ، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة ، والجماعة من [ ص: 72 ] أن [14] القرآن غير مخلوق ، وأن الله يرى في الآخرة ، وغير ذلك من مقالات أهل السنة ، [ والحديث ] [15] حتى يبتدعون في الغلو في الإثبات ، والتجسيم ، والتبعيض [16] ، والتمثيل ما هو معروف من مقالاتهم [ التي ذكرها الناس ] [17] .
ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب ( الآراء والديانات . ) [18] ، وأمثاله ، وجاء بعد [19] هؤلاء المفيد بن النعمان ، وأتباعه .
ولهذا تجد [20] . المصنفين في المقالات - كالأشعري - لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنه . وافق المعتزلة في توحيدهم ، وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم ، وإنما يذكرون عن بعض [21] قدمائهم التجسيم ، وإثبات القدر ، وغيره ، وأول من عرف عنه في الإسلام أنه قال [22] : إن الله جسم ، [ ص: 73 ] [ هو ] [23] هشام بن الحكم ( * بل قال : الجاحظ في كتابه " الحجج في النبوة " [24] ليس على ظهرها رافضي إلا وهو يزعم أن ربه مثله ، وأن البدوات تعرض له ، وأنه لا يعلم الشيء قبل كونه إلا بعلم يخلقه لنفسه * ) [25] ، وقد كان [26] ابن الراوندي ، وأمثاله من المعروفين بالزندقة ، [ والإلحاد ] [27] صنفوا [28] لهم كتبا أيضا على أصولهم .


