[ ص: 256 ] المسألة الثالثة عشرة  
مذهب   الشافعي     - رضي الله عنه - أنه إذا  حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بحكم في واقعة خاصة ، وذكر علته   أنه يعم من وجدت في حقه تلك العلة خلافا للقاضي  أبي بكر     .  
وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حق أعرابي محرم وقصت به ناقته : "  لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا ، فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا     " وكقوله - صلى الله عليه وسلم - في قتلى  أحد      : "  زملوهم بكلومهم ودمائهم ، فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما     " وكما لو قال الشارع : حرمت المسكر لكونه حلوا ، عم التحريم كل حلو .  
والحق في ذلك أنه إن ادعى عموم الحكم نظرا إلى الصيغة الواردة فهو باطل قطعا ، كيف وأنه لو كان التنصيص على إثبات الحكم المعلل يقتضي بعمومه الحكم في كل محل وجدت فيه العلة ، لكان للوكيل إذا قال له الموكل : أعتق عبدي سالما لكونه أسود أن يعتق كل عبد أسود له كما لو قال : أعتق عبيدي السودان ، وليس كذلك بالإجماع  [1]    .  
وإن قيل بالعموم نظرا إلى الاشتراك في العلة فهو الحق ، ولا يلزم من التعميم في الحكم بالعلة المشتركة شرعا مثله فيما إذا قال لوكيله : أعتق عبدي سالما لكونه أسود إذ الوكيل إنما يتصرف بأمر الموكل لا بالقياس على ما أمره به .  
وعلى هذا فالفائدة في ذكر العلة معرفة كون الحكم معللا إلا أن يكون اللفظ الدال على الحكم عاما لغير محل التنصيص .  
وما يقوله القاضي  أبو بكر  من أنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - علل ذلك في حق الأعرابي بما علمه من موته مسلما مخلصا في عبادته محشورا ملبيا وقصت به ناقته لا بمجرد إحرامه ، وفي قتلى  أحد   بعلو درجتهم في الجهاد وتحقق شهادتهم ، لا بمجرد الجهاد .  
وفي تحريم المسكر لكونه حلوا مسكرا ، وذلك كله غير معلوم في حق الغير .  
وإن كان ما ذكروه منقدحا غير أنه على خلاف ما ظهر من تعليله - عليه السلام - بمجرد الإحرام والجهاد ، وترك ما ظهر من التعليل لمجرد الاحتمال ممتنع .  
				
						
						
