[ ص: 257 ] المسألة الرابعة عشرة  
اختلفوا في  دلالة المفهوم تفريعا على القول به هل لها عموم   أو لا ؟  
وكشف الغطاء عن ذلك أن نقول : المفهوم ينقسم إلى مفهوم الموافقة ، وهو ما كان حكم السكوت عنه موافقا لحكم المنطوق ، وإلى مفهوم المخالفة ، وهو ما كان حكم السكوت عنه مخالفا لحكم المنطوق كما يأتي تحقيقه .  
فإن كان من قبيل مفهوم الموافقة كما في تحريم ضرب الوالدين من تنصيصه على تحريم التأفيف لهما ، فحكم التحريم وإن كان شاملا للصورتين ، لكن مع اختلاف جهة الدلالة فثبوته في صورة النطق بالمنطوق ، وفي صورة السكوت بالمفهوم فلا المنطوق عاما بالنسبة إلى الصورتين ، ولا المفهوم من غير خلاف .  
وإنما الخلاف في عموم المفهوم بالنسبة إلى صورة السكوت ، ولا شك أن حاصل النزاع فيه آيل إلى اللفظ .  
فإن من قال بكونه عاما بالنسبة إليهما إنما يريد به ثبوت الحكم به في جميعها لا بالدلالة اللفظية ، وذلك مما لا خلاف فيه بين القائلين بالمفهوم .  
ومن نفى العموم   كالغزالي  فلم يرد به أن الحكم لم يثبت به في جميع صور السكوت إذ هو خلاف الفرض ، وإنما أراد نفي ثبوته مستندا إلى الدلالة اللفظية ، وذلك مما لا يخالف فيه القائل بعموم المفهوم .  
وأما مفهوم المخالفة كما في نفي الزكاة عن المعلوفة من تنصيصه - صلى الله عليه وسلم - على وجوب الزكاة في الغنم السائمة ، فلا شك أيضا بأن اللفظ فيه غير عام بمنطوقه للصورتين ولا بمفهومه ، وإنما النزاع في عمومه بالنسبة إلى جميع صور السكوت ، وحاصل النزاع أيضا فيه آيل إلى اللفظ كما سبق في مفهوم الموافقة .  
				
						
						
