الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الذنوب هي السبب في عزوف الرجال عن التقدم للزواج بي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة مطلقة، وقد تزوجت في عمر صغير، ولي ابنة، وكان زواجي عن طريق الإكراه، وحاليًا أبلغ من العمر 34 عامًا، وابنتي في المرحلة الإعدادية، و-الحمد لله-.

لم أتزوج مرة ثانية حتى الآن، رغم أنني أتمنى ذلك، ولم يتقدّم أحد لخطبتي رسميًا، فقد تعرّفت إلى عدد من الأشخاص عن طريق العمل، أو من خلال الترشيح بغرض الزواج، لكن عندما يصل الأمر إلى الخطبة، يختفون من حياتي!

كنت أرتكب الذنوب كأي مسلمة، لكنني دائمًا أتوب، وأستغفر، وأتصدّق، وأحرص على الرجوع إلى الله، حتى لو كان الذنب كبيرًا، إلَّا أنني الآن بدأت أشعر أن الله يعاقبني؛ لأنني كنت كثيرة الذنوب، وأرى أن ما يحدث لي ابتلاء من الله وعقاب دنيوي.

فقدت الثقة في نفسي، رغم أنني -فيما أزعم إنسانة صالحة-، وفيّ من الصفات ما يتمناه كل رجل، والجميع يمدحني.

كيف أتخلّص من هذه الأفكار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير، وأن يُصلح الأحوال.

لا شك أن للذنوب آثارها، ولكن التوبة النصوح تجب ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، فتوبي إلى الله -تبارك وتعالى-، واجتهدي في الإحسان، فإن التوبة الصحيحة هي التي يكون فيها الإخلاص لله -تبارك وتعالى-، وفيها الصدق مع الله -تبارك وتعالى-؛ لأن توبة الكاذبين هي: أن يتوب اللسان ويظل القلب متعلقًا بالمعصية.

وبعد ذلك من شروط التوبة: الندم على ما حصل، والعزم على عدم العود، وإذا كان في الذنوب حق لآدمي نحاول رده، والدعاء له، والاستغفار له، وبعد ذلك بعد التوبة نُكثر من الحسنات الماحية.

ومن أجل أن يتم أمر الزواج والخير، لا بد أن تجتهدي في أن تُظهري أجمل ما عندك من التزام ديني، ومن حجاب شرعي ومن آداب؛ لأن هذه مسائل مهمة تستطيع المرأة أن تُظهرها أمام زميلاتها، وعند ذلك سيأتيها مَن يتقدم إليها، ويُكمل معها مشوار الزواج بتوفيق من الله تبارك وتعالى، واعلمي أن كل امرأة من الزميلات والصديقات لها أخ أو عم أو خال يبحث عن فاضلات من أمثالك.

وعندما يأتي الشيطان ليُذكّركِ بمثل هذه الأمور ليُحزنكِ، تذكّري كيد الشيطان، وأن همّه أن يحزن الذين آمنوا، كما قال الله تعالى: ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المجادلة: 10]، لذلك، عاملي هذا العدو بنقيض قصده؛ فإذا ذكّرك بما حصل من الذنوب والتقصير، فجَدّدي التوبة لله -تبارك وتعالى- واعلمي أن هذا العدو يُذكّرنا بذنوبنا؛ من أجل أن يُوصلنا إلى الإحباط، أو اليأس والقنوط من رحمة الله تبارك وتعالى.

فإذا ذكّركِ بما حصل من التقصير، فجَدّدي التوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى-، واعلمي أن الله ما سمّى نفسه (الغفور) إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا، ولا سمّى نفسه (التواب) إلَّا ليتوب علينا، ولا سمّى نفسه (الرحيم) إلَّا ليرحمنا.

ونتمنى أن تُدركي أيضًا أن مسألة الزواج هي من قدر الله -تبارك وتعالى- ﴿وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد: 38]، والمرأة تستطيع أن تفعل الأسباب، بأن تُبدي أمام صديقاتها وزميلاتها استعدادها ورغبتها في الزواج، وليس في هذا عيب، وبعد ذلك تستعين بالله -تبارك وتعالى- وترضى بما يُقدّره الله، وسيأتي الزوج المناسب في الوقت المناسب، فلا تقفي أمام هذه الأفكار؛ لأنها غير صحيحة، وغير دقيقة.

والإنسان إذا أخطأ يتوب ويرجع إلى الله -تبارك وتعالى-، والتوبة -كما قلنا- تمحو آثار ذنوب الأمس، وتستأنفين الحياة بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يُسهّل أمركِ، وأن يضع في طريقك من يُسعدك وتُسعديه، ويُعينك على طاعة الله، وتُعاونِيه على أمر دينه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً