المسألة الرابعة  
[ دم الحيوان ]  
اتفق العلماء على أن  دم الحيوان   البري نجس ، واختلفوا في دم السمك ، وكذلك اختلفوا في  الدم القليل      [ ص: 70 ] من دم الحيوان غير البحري   ، فقال قوم : دم السمك طاهر ، وهو أحد قولي  مالك  ، ومذهب   الشافعي     .  
وقال قوم : هو نجس على أصل الدماء ، وهو قول  مالك  في المدونة ، وكذلك قال قوم : إن قليل الدماء معفو عنه . وقال قوم : بل القليل منها والكثير حكمه واحد ، والأول عليه الجمهور .  
والسبب في اختلافهم في دم السمك هو اختلافهم في ميتته ، فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم جعل دمه كذلك ، ومن أخرج ميتته أخرج دمه قياسا على الميتة ، وفي ذلك أثر ضعيف وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : "  أحلت لنا ميتتان ، ودمان الجراد والحوت والكبد والطحال     " .  
وأما اختلافهم في كثير الدم وقليله فسببه اختلافهم في القضاء بالمقيد على المطلق أو بالمطلق على المقيد ، وذلك أنه ورد تحريم الدم مطلقا في قوله تعالى : (  حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير      ) وورد مقيدا في قوله تعالى : (  قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما      ) إلى قوله : (  أو دما مسفوحا أو لحم خنزير      ) فمن قضى بالمقيد على المطلق وهم الجمهور قال المسفوح هو النجس المحرم فقط ، ومن قضى بالمطلق على المقيد ; لأن فيه زيادة قال : المسفوح وهو الكثير ، وغير المسفوح وهو القليل ، كل ذلك حرام ، وأيد هذا بأن كل ما هو نجس لعينه فلا يتبعض .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					