[ صفة القتل ]  
وأما  صفة الذي يجب به القصاص   ، فاتفقوا على أنه العمد ، وذلك أنهم أجمعوا على أن القتل صنفان : عمد ، وخطأ . واختلفوا في هل بينهما وسط أم لا ؟ وهو الذي يسمونه شبه العمد ، فقال به جمهور فقهاء      [ ص: 719 ] الأمصار . والمشهور عن  مالك  نفيه إلا في الابن مع أبيه . وقد قيل إنه يتخرج عنه في ذلك رواية أخرى ، وبإثباته قال   عمر بن الخطاب  ،  وعلي  ،  وعثمان  ،   وزيد بن ثابت  ،   وأبو موسى الأشعري  ،  والمغيرة  ، ولا مخالف لهم من الصحابة .  
والذين قالوا به فرقوا فيما هو شبه العمد مما ليس بعمد ، وذلك راجع في الأغلب إلى الآلات التي يقع بها القتل ، وإلى الأحوال التي كان من أجلها الضرب ، فقال  أبو حنيفة     : كل ما عدا الحديد من القضب أو النار وما يشبه ذلك فهو شبه العمد ، وقال  أبو يوسف  ،  ومحمد     : شبه العمد ما لا يقتل مثله ، وقال   الشافعي     : شبه العمد ما كان عمدا في الضرب خطأ في القتل ( أي : ما كان ضربا لم يقصد به القتل فتولد عنه القتل ) ، والخطأ ما كان خطأ فيهما جميعا . والعمد ما كان عمدا فيهما جميعا ، وهو حسن .  
فعمدة من نفى شبه العمد أنه لا واسطة بين الخطأ والعمد ( أعني : بين أن يقصد القتل أو لا يقصده ) . وعمدة من أثبت الوسط أن النيات لا يطلع عليها إلا الله تبارك وتعالى وإنما الحكم بما ظهر .  
فمن قصد ضرب آخر بآلة لا تقتل غالبا كان حكمه كحكم الغالب ( أعني : حكم من قصد القتل فقتل بلا خلاف ) . ومن قصد ضرب رجل بعينه بآلة لا تقتل غالبا كان حكمه مترددا بين العمد والخطأ هذا في حقنا لا في حق الآمر نفسه عند الله تعالى .  
أما شبهة العمد فمن جهة ما قصد ضربه . وأما شبهه للخطأ فمن جهة أنه ضرب بما لا يقصد به القتل . وقد روي حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "  ألا إن قتل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا والحجر ديته مغلظة مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها     " إلا أنه حديث مضطرب عند أهل الحديث لا يثبت من جهة الإسناد فيما ذكره   أبو عمر بن عبد البر  ، وإن كان  أبو داود  ، وغيره قد خرجه ، فهذا النحو من القتل عند من لا يثبته يجب به القصاص ، وعند من أثبته تجب به الدية ، ولا خلاف في مذهب  مالك  أن الضرب يكون على وجه الغضب والنائرة يجب به القصاص . واختلف في الذي يكون عمدا على جهة اللعب ، أو على جهة الأدب لمن أبيح له الأدب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					