الباب الثاني في  أنواع الضحايا وصفاتها وأسنانها وعددها   
وفي هذا الباب أربع مسائل مشهورة :  
إحداها : في تمييز الجنس .  
والثانية : في تمييز الصفات .  
والثالثة : في معرفة السن .  
والرابعة : في العدد .  
المسألة الأولى  
[ في تمييز الجنس ]  
أجمع العلماء على  جواز الضحايا من جميع بهيمة الأنعام   ، واختلفوا في الأفضل من ذلك ، فذهب  مالك  إلى أن الأفضل في الضحايا الكباش ، ثم البقر ، ثم الإبل ، بعكس الأمر عنده في الهدايا . وقد قيل عنه : الإبل ، ثم البقر ، ثم الكباش ، وذهب   الشافعي  إلى عكس ما ذهب إليه  مالك  في الضحايا : الإبل ، ثم البقر ، ثم الكباش ، وبه قال  أشهب  ،   وابن شعبان     .  
وسبب اختلافهم : معارضة القياس لدليل الفعل ، وذلك  أنه لم يرو عنه عليه الصلاة والسلام أنه ضحى إلا بكبش  ، فكان ذلك دليلا على أن الكباش في الضحايا أفضل ، وذلك فيما ذكر بعض الناس . وفي   البخاري  عن   ابن عمر  ما يدل على خلاف ذلك ، وهو أنه قال :    " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى     " .  
وأما القياس : فلأن الضحايا قربة بحيوان ، فوجب أن يكون الأفضل فيها الأفضل في الهدايا ، وقد احتج   الشافعي  لمذهبه بعموم قوله عليه الصلاة والسلام :    " من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا     " الحديث ، فكان الواجب حمل هذا على جميع القرب بالحيوان ، وأما  مالك  فحمله على الهدايا فقط ، لئلا يعارض الفعل القول وهو الأولى .  
 [ ص: 354 ] وقد يمكن أن يكون لاختلافهم سبب آخر وهو : هل الذبح العظيم الذي فدى به  إبراهيم   سنة باقية إلى اليوم ، وإنها الأضحية ، وإن ذلك معنى قوله : (  وتركنا عليه في الآخرين      ) . فمن ذهب إلى هذا قال : الكباش أفضل ، ومن رأى أن ذلك ليست سنة باقية لم يكن عنده دليل على أن الكباش أفضل . مع أنه قد ثبت  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بالأمرين جميعا  ، وإذا كان ذلك كذلك فالواجب المصير إلى قول   الشافعي     .  
وكلهم مجمعون على أنه لا تجوز الضحية بغير بهيمة الأنعام إلا ما حكي عن   الحسن بن صالح  أنه قال :  تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ، والظبي عن واحد     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					