" السنة أن يؤم القوم أقرؤهم    " . 
أي أكثرهم قرآنا ، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كل واحد منهما ، فأولاهما أجودهما قراءة وإعرابا . فإن كان أحدهما أكثر حفظا والآخر أجود قراءة وأقل لحنا ، فالجيد القراءة أولى . ذكر ذلك المصنف رحمه الله في " المغني " ثم قال : فإن اجتمع فقيهان قارئان وأحدهما أقرأ والآخر أفقه ، قدم أقرؤهما ، نص عليه . وقال ابن عقيل    : يقدم الأفقه . فإن اجتمع فقيهان أحدهما أعرف بأحكام الصلاة والآخر أعرف بما سواها ، فالأعلم بأحكام الصلاة أولى . 
" ثم أسنهم " . 
أي أكبرهم سنا ، وظاهر قول  الإمام أحمد    : تقديم الأقدم هجرة على الأسن . قال الخطابي    : وعلى هذا الترتيب يوجد أكثر أقوال العلماء . 
" ثم أقدمهم هجرة " . 
قال المصنف رحمه الله في " المغني " : معنى تقديم الهجرة : أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام . وقال   [ ص: 99 ] الجوهري    : الهجر ضد الوصل ، وقد هجره هجرا وهجرانا ، والاسم الهجرة . والمهاجرة من أرض إلى أرض : ترك الأولى للثانية . 
" ثم أشرفهم ثم أتقاهم " . 
قال المصنف رحمه الله في " المغني " : قدم أشرفهم ؛ أي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا . آخر كلامه . وأتقاهم : أكثرهم تقوى ، والتقوى : ترك الشرك والفواحش والكبائر ، عن  ابن عباس    . وأصله من الاتقاء وهو الحجز بين الشيئين . وعن  ابن عمر    : التقوى أن لا ترى نفسك خيرا من أحد   . وعن  عمر بن عبد العزيز  التقوى : ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله   . وقيل : الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : التقوى ترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس . وقيل : جماعها في قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان    [ النحل 90 ] . 
" أحق بالإمامة " . 
أي مستحق لها ولا حق لغيره فيها . قال الأزهري    : أحق في كلام العرب له معنيان ، أحدهما : استيعاب الحق ، والثاني : ترجيح الحق . 
" ذا سلطان " . 
قال الجوهري    : السلطان الوالي . وقال صاحب المستوعب : وذو السلطان - وهو الإمام - والقاضي أولى من إمام المسجد . وصاحب البيت وكل ذي سلطان أولى من جميع نوابه ، وإنما عدل - والله أعلم - عن قوله : " إلا أن يكون بعضهم سلطانا " إلى قوله : " ذا سلطان " لكونه أعم ؛ لأن السلطان قد صار كالعلم . 
				
						
						
