فصل 
إذا قال : لله علي أن أضحي ببدنة أو أهدي بدنة . قال الإمام : البدنة في اللغة : الإبل ، ثم الشرع قد يقيم مقامها بقرة ، أو سبعا من الغنم . وقال الشيخ  أبو حامد  وجماعة : اسم البدنة يقع على الإبل والبقر والغنم جميعا . ثم له حالان . 
أحدهما : أن يطلق التزام البدنة ، فله إخراجها من الإبل . وهل له العدول إلى بقرة أو سبع من الغنم ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لا . والثاني : نعم . والصحيح المنصوص : أنه إن وجدت الإبل ، لم يجز العدول ، وإلا جاز . 
الحال الثاني : أن يقيد فيقول : علي أن أضحي ببدنة من الإبل أو ينويها ، فلا يجزئه غير الإبل إذا وجدت بلا خلاف ، فإن عدمت ، فوجهان . 
أحدهما : يصبر إلى أن يجدها ولا يجزئه غيرها . والصحيح المنصوص : أن البقرة تجزئه بالقيمة . فإن كانت قيمة البقرة دون قيمة البدنة من الإبل ، فعليه إخراج الفاضل . وفي وجه : لا تعتبر القيمة كما في حالة الإطلاق . والصحيح : الأول . 
واختلفوا في كيفية إخراج الفاضل ، ففي الكافي للقاضي  الروياني     : أنه يشتري به بقرة أخرى إن أمكن ، وإلا ، فهل يشتري به شقصا ، أو يتصدق به على المساكين ؟ وجهان . وفي تعليق الشيخ  أبي حامد     : أنه يتصدق به . وقال   [ ص: 331 ] المتولي     : يشارك إنسانا في بدنة أو بقرة ، أو يشتري به شاة . وإذا عدل إلى الغنم في هذه الحالة ، اعتبرت القيمة أيضا . ثم نقل  الروياني  في جمع الجوامع : أنه إذا لم يجد الإبل في حالة التقييد ، يتخير بين البقرة والغنم ؛ لأن الاعتبار بالقيمة . والذي ذكره   ابن كج  والمتولي     : أنه لا يعدل إلى الغنم مع القدرة على البقرة ؛ لأنها أقرب . ولو وجد ثلاث شياه بقيمة البدنة ، فوجهان . أصحهما : لا تجزئه ، بل عليه أن يتم السبع من عنده . والثاني : تجزئه لوفائهن بالقيمة ، قاله  أبو الحسين النسوي  من أصحابنا شيخ كان في زمن  أبي إسحاق   وابن خيران     . ولو نذر شاة ، فجعل بدلها بدنة  ، جاز . وهل يكون الكل فرضا ؟ وجهان . 
فرع   : 
في الصفات المعتبرة في الحيوان المنذور مطلقا . 
فإذا قال : لله علي أن أهدي بعيرا ، أو بقرة ، أو شاة ، فهل يشترط فيه السن المجزئ في الأضحية والسلامة من العيوب ؟ قولان بناء على أن مطلق النذر يحمل على أقل ما وجب من ذلك الجنس ، أو على أقل ما يتقرب به . والأول : أظهر . ولو قال : أضحي ببعير ، أو بقرة ، ففيه مثل هذا الخلاف . قال الإمام : وبالاتفاق لا يجزئ الفصيل ؛ لأنه لا يسمى بعيرا ، ولا العجل إذا ذكر البقرة ، ولا السخلة إذا ذكر الشاة . ولو قال : أضحي ببدنة أو أهدي بدنة ، جرى الخلاف . ورأى الإمام هذه الصورة أولى باشتراط السن والسلامة . ولو قال : لله علي هدي ، أو أن أهدي ولم يسم شيئا ، ففيه القولان إن حملنا على أقل ما يتقرب به من جنسه ، خرج عن نذره بكل منحة حتى الدجاجة والبيضة وكل ما يتمول ، لوقوع الاسم عليه . وعلى هذا ، فالصحيح : أنه لا يجب إيصاله مكة  ، وصرفه إلى فقرائها ، بل يجوز التصدق به على غيرهم . وينسب هذا القول إلى   [ ص: 332 ]   " الإملاء " والقديم . وإن حملنا على أقل ما يجب من جنسه ، حمل على ما يجزئ في الأضحية ، وينسب هذا إلى الجديد . وعلى هذا يجب إيصاله مكة  ، فإن محل الهدي الحرم . وفيه وجه ضعيف : أنه لا يجب إلا أن يصرح به . ولو قال : علي أن أهدي الهدي ، حمل على المعهود الشرعي بلا خلاف . 
فرع   : 
ولو نذر أن يهدي مالا معينا ، وجب صرفه إلى مساكين الحرم . وفيه وجه ضعيف : أنهم لا يتعينون . ثم ينظر ، إن كان المعين من النعم ، بأن قال : أهدي هذه البدنة أو الشاة ، وجب التصدق بها بعد الذبح ، ولا يجوز التصدق بها حية ؛ لأن في ذبحها قربة ، ويجب الذبح في الحرم على الأصح . وعلى الثاني : يجوز أن يذبح خارج الحرم ، بشرط أن ينقل اللحم إليه قبل أن يتغير . وإن كان من غير النعم وتيسر نقله إلى الحرم ، بأن قال : أهدي هذه الظبية ، أو الطائر ، أو الحمار ، أو الثوب ، وجب حمله إلى الحرم . وأطلق مطلقون : أن مؤنة النقل على الناذر ، فإن لم يكن له مال ، بيع بعضه لنقل الباقي . وأستحسن ما حكي عن  القفال     : أنه إن قال : أهدي هذا ، فالمؤنة عليه ، وإن قال : جعلته هديا ، فالمؤنة فيه ، يباع بعضه . لكن مقتضى جعله هديا ، أن يوصل كله الحرم ، فيلتزم مؤنته ، كما لو قال : أهدي . ثم إذا بلغ الحرم ، فالصحيح : أنه يجب صرفه إلى مساكين الحرم . لكن لو نوى صرفه إلى تطييب الكعبة ، أو جعل الثوب سترا لها ، أو قربة أخرى هناك ، صرفه إلى ما نوى . وفيه وجه : أنه وإن أطلق ، فله صرفه إلى ما يرى . ووجه أضعف منه : أن الثوب الصالح للستر ، يحمل عليه عند الإطلاق . قال الإمام : قياس المذهب والذي صرح به الأئمة : أن ذلك المال المعين ، يمتنع بيعه وتفرقة ثمنه ، بل يتصدق بعينه ، وينزل تعيينه منزلة تعيين الأضحية والشاة   [ ص: 333 ] في الزكاة ، فيتصدق بالظبية والطائر وما في معناهما حيا ، ولا يذبحه ، إذ لا قربة في ذبحه . ولو ذبحه فنقصت القيمة ، تصدق باللحم وغرم ما نقص . وفي " التتمة " وجه آخر ضعيف : أنه يذبح . وطردهما فيما إذا أطلق ذكر الحيوان وقلنا : لا يشترط أن يهدي ما يجزئ في الأضحية . أما إذا نذر إهداء بعير معيب ، فهل يذبحه ؟ وجهان . 
أحدهما : نعم ، نظرا إلى جنسه . وأصحهما : لا ؛ لأنه لا يصلح للتضحية كالظبية . أما إذا كان المال المعين مما لا يتيسر نقله ، كالدار ، والأرض ، والشجر ، وحجر الرحى ، فيباع وينقل ثمنه فيتصدق به على مساكين الحرم . قال في " التهذيب " : ويتولى الناذر البيع والنقل بنفسه . 
فرع : 
في مسائل من " الأم " 
لو قال : أنا أهدي هذه الشاة نذرا  ، لزمه أن يهديها ، إلا أن تكون نيته : إني سأحدث نذرا ، أو سأهديها . ولو نذر أن يهدي هديا ، ونوى بهيمة ، أو جديا ، أو رضيعا ، أجزأه . والقولان السابقان فيما إذا أطلق نذر الهدي ، ولم ينو شيئا . ولو نذر أن يهدي شاة عوراء ، أو عمياء ، أو ما لا يجوز التضحية به ، أهداه ، ولو أهدى تاما ، كان أفضل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					