الركن الثالث : المعتكف ، شرطه : الإسلام  ، والعقل  ، والنقاء عن الحيض ، والجنابة    . فيصح اعتكاف الصبي  ، والرقيق ، والزوجة كصيامهم . 
ولا يجوز للعبد أن يعتكف بغير إذن سيده  ، ولا للمرأة بغير إذن زوجها  ، فإن اعتكفا بغير إذن ، جاز للزوج والسيد إخراجهما . 
وكذا لو اعتكفا بإذنهما تطوعا ، فإنه لا يلزم بالشروع . ولو نذرا اعتكافا ، نظر ، إن نذرا بغير إذن ، فلهما المنع من الشروع فيه ، فإن أذنا في الشروع وكان الزمان متعينا أو غير متعين ، ولكن شرطا التتابع ، لم يكن لهما الرجوع . 
وإن لم يشرطا ، فلهما الرجوع على الأصح ، وإن نذرا بالإذن ، نظر ، إن تعلق بزمان معين ، فلهما الشروع فيه بغير إذن ، وإلا لم يشرعا بغير إذن ، وإن شرعا بالإذن ، لم يكن لهما المنع من الإتمام ، هكذا ذكره أصحابنا العراقيون ، وهو مبني على أن النذر المطلق إذا شرع فيه لزمه إتمامه . 
وفيه خلاف سبق في آخر كتاب الصوم . ويستوي في جميع ما ذكرناه ، القن ، والمدبر ، وأم الولد . وأما المكاتب ، فله أن يعتكف بغير إذن السيد  على الأصح . ومن بعضه رقيق ، كالقن إن لم يكن مهايأة ، فإن كانت ، فهو في نوبته كالحر ، وفي نوبة السيد كالقن . 
فرع 
لا يصح اعتكاف الكافر  ، والمجنون  ، والمغمى عليه ، والسكران ، إذ لا نية لهم . ولو ارتد في أثناء اعتكافه  ، فالنص في " الأم " : أنه لا يبطل اعتكافه .   [ ص: 397 ] فإذا أسلم ، بنى . ونص أنه لو سكر في اعتكافه ، ثم أفاق  ، يستأنف . واختلف الأصحاب فيهما على طرق . 
المذهب : بطلان اعتكافهما ، فإن ذلك أشد من الخروج من المسجد ، ونصه في المرتد محمول على أنه اعتكاف غير متتابع . فإذا أسلم بنى ، لأن الردة لا تحبط ما سبق عندنا ، إلا إذا مات مرتدا . 
ونصه في السكران في اعتكاف متتابع . والطريق الثاني : تقرير النصين . والفرق بأن السكران يمنع المسجد بكل حال ، بخلاف المرتد . 
واختار أصحاب  الشيخ أبي حامد  هذا الطريق ، وذكروا أنه المذهب . والثالث : فيهما قولان . والرابع : لا يبطل فيهما . والخامس : يبطل السكر لامتداد زمنه ، وكذا الردة إن طال زمنها ، وإن قصر بنى . 
والسادس : يبطل بالردة دون السكر ، لأنه كالنوم ، والردة تنافي العبادة . وهذا الطريق حكاه الإمام   الغزالي  ، ولم يذكره غيرهما . 
وهذا الخلاف ، أنه هل يبقى ما تقدم على الردة والسكر معتدا به فيبنى عليه ، أم يبطل فيحتاج إلى الاستئناف إن كان الاعتكاف متتابعا ؟ فأما زمن الردة والسكر فغير معتد به قطعا . 
وفي وجه شاذ : يعتد بزمن السكر . وأشار إمام الحرمين   والغزالي  ، إلى أن الخلاف في الاعتداد بزمن الردة ، والسكر . والمذهب ما سبق . 
ولو أغمي عليه ، أو جن في زمن الاعتكاف  ، فإن لم يخرج من المسجد ، لم يبطل اعتكافه ، لأنه معذور . وإن أخرج ، نظر ، إن لم يمكن حفظه في المسجد ، لم يبطل ، لأنه لم يحصل الخروج باختياره ، فأشبه ما لو حمل العاقل مكرها . 
وإن أمكن ولكن شق ، ففيه الخلاف الآتي في المريض إذا أخرج . قال في " التتمة " : ولا يحسب زمن الجنون من الاعتكاف ، ويحسب زمن الإغماء على المذهب . 
 [ ص: 398 ] فرع 
لا يصح اعتكاف الحائض ، ولا الجنب    . ومتى طرأ الحيض على المعتكفة  ، لزمها الخروج . فإن مكثت ، لم يحسب عن الاعتكاف . 
وهل يبطل ما سبق ، أم يبنى عليه ؟ فيه كلام يأتي إن شاء الله تعالى . وإن طرأت الجنابة  بما يبطل الاعتكاف ، لم يخف الحكم . 
وإن طرأت بما لا يبطله ، كالاحتلام ، والجماع ناسيا ، والإنزال بالمباشرة دون الفرج ، إذا قلنا : لا يبطله ، لزمه أن يبادر بالغسل كيلا يبطل تتابعه ، وله الخروج للغسل ، سواء أمكنه الغسل في المسجد ، أم لا ، لأنه أصون لمروءته وللمسجد . ولا يحسب زمن الجنابة من الاعتكاف على الصحيح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					