فصل 
مجرد ملك اليمين  ، لا يثبت شيئا من هذه المحرمات ، لكن الوطء فيه يثبتها ، حتى تحرم الموطوءة على ابن الواطئ وأبيه ، وتحرم عليه أم الموطوءة وبنتها . والوطء بشبهة النكاح الفاسد ، والشراء الفاسد ، ووطء الجارية المشتركة ، وجارية الابن ، يثبت حرمة المصاهرة ، كما يثبت النسب ، ويوجب العدة . وحكي قول : أن وطء الشبهة لا يثبت حرمة المصاهرة ، كالزنا . والمشهور الذي قطع به الجمهور الأول ، وذلك فيما إذا شملت الشبهة الواطئ ( أو ) الموطوءة . فإن اختصت الشبهة بأحدهما ، والآخر زان ، بأن وطئها يظنها زوجته وهي عالمة ، أو يعلم وهي جاهلة أو نائمة أو مكرهة ، أو مكنت البالغة العاقلة مجنونا أو مراهقا عالمة ، فوجهان . أصحهما : الاعتبار بالرجل ، فتثبت المصاهرة إذا اشتبه عليه ، كما يثبت النسب والعدة ، ولا يثبت إذا لم يشتبه عليه ، كما لا يثبت النسب والعدة . والثاني : تثبت المصاهرة في أيهما كانت الشبهة ، وعلى هذا وجهان . أحدهما : يختص بمن اختصت الشبهة به . فإن كان الاشتباه عليه ، حرم عليه أمها وبنتها ، ولا تحرم على أبيه وابنه . وإن كان الاشتباه عليها ، حرمت على ابنه وأبيه ، ولا تحرم عليه أمها وبنتها . والثاني : أنها تعم الطرفين كالنسب . 
 [ ص: 113 ] فرع 
الوطء في النكاح وملك اليمين ، كما يوجب الحرمة ، يوجب المحرمية  ، فيجوز للواطئ الخلوة والمسافرة بأم الموطوءة وبنتها ، والنظر إليها ، ولابنه الخلوة والمسافرة بالموطوءة والنظر . وفي وطء الشبهة وجهان . ويقال : قولان . أصحهما عند الإمام كذلك ، لأن الشبهة تثبت النسب والعدة ، فكذا المحرمية . وأصحهما عند الجمهور : المنع ، وحكوه عن نصه في " الإملاء " . 
فرع 
الزنا لا يثبت المصاهرة  ، فللزاني نكاح أم المزني بها وبنتها ، ولأبيه وابنه نكاحها . ولو لاط بغلام ، لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته . ولو ملك جارية محرمة عليه برضاع أو مصاهرة ، فوطئها ، فإن لم نوجب به الحد ، ثبتت المصاهرة . وإن أوجبناه ، فلا . 
فرع 
المفاخذة ، والقبلة ، والمس ، هل هي كالوطء فتثبت المصاهرة وتحرم الربيبة في النكاح  ؟ فيه قولان . أظهرهما عند  البغوي   والروياني     : نعم . وأظهرهما عند   ابن أبي هريرة  وابن القطان  والإمام وغيرهم : لا . والقولان فيما إذا جرى ذلك بشهوة . فأما المس بغير شهوة ، فلا أثر له على المذهب ، وبه قطع الجمهور . قال الإمام :   [ ص: 114 ] ومنهم من أطلق القولين في الملامسة . وأما النظر بشهوة ، فلا يثبت المصاهرة على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وقيل : قولان . وقيل : إن نظر إلى الفرج ، فقولان ، وإلا ، فلا . 
فرع 
إذا استدخلت ماء زوجها أو أجنبي بشبهة  ، ثبتت المصاهرة والنسب والعدة ، دون الإحصان والتحليل . وفي تقدير المهر ووجوبه للمفوضة وثبوت الرجعة والغسل والمهر في صورة الشبهة وجهان . أصحهما : المنع . ولو أنزل أجنبي بزنا ، لم يثبت باستدخاله المصاهرة ولا النسب . وإن أنزل الزوج بالزنا ، حكى  البغوي  أنه لا يثبت النسب ولا المصاهرة ولا العدة . وقال من عند نفسه : وجب أن تثبت هذه الأحكام كما لو وطئ زوجته يظن أنه يزني . 
فرع 
ما أثبت التحريم المؤبد إذا طرأ على النكاح ، قطعه . فلو نكح امرأة ، فوطئها أبوه أو ابنه بشبهة ، أو وطئ هو أمها أو بنتها بشبهة  ، انفسخ نكاحها . 
وفي المولدات  لابن الحداد  فرعان يتعلقان بهذا الأصل . 
أحدهما : نكح امرأة ونكح ابنه ابنتها ، ووطئ كل واحد منهما زوجة الآخر غالطا  ، انفسخ النكاحان . وهذا تفريع على المشهور أن وطء الشبهة كالوطء في ملك ، ويجب على كل واحد منهما مهر المثل للتي وطئها بالشبهة . ثم إن سبق وطء الأب ، فعليه لزوجته نصف المسمى ، لأنه الذي رفع نكاحها ، فهو كما لو طلقها قبل الدخول . وهل يجب على   [ ص: 115 ] الابن لزوجته نصف المسمى ؟ فيه أوجه . قال  ابن الحداد     : لا ، إذ لا صنع له . وقال آخرون : نعم ، إذ لا صنع لها . وقال  الشيخ أبو علي     : إن كانت زوجة الابن نائمة ، أو صغيرة لا تعقل ، أو مكرهة ، وجب . وإن كانت عاقلة طاوعت الأب تظنه زوجها ، فلا شيء لها . فإن أوجبنا ، رجع الابن على أبيه ، لأنه فوت نكاحه . وهل يرجع بمهر المثل ، أم بنصفه ، أم بما غرم ؟ فيه ثلاثة أقوال نوضحها في " كتاب الرضاع " إن شاء الله تعالى . 
وأما إن سبق وطء الابن ، فعليه لزوجته نصف المسمى . وهل يلزم الأب لزوجته نصف المسمى ؟ فيه الأوجه . فإن ألزمناه ، رجع على الابن كما ذكرنا . ولو وقع الوطآن معا ، فعلى كل واحد نصف ما سمى لزوجته . وهل يرجع على الآخر ؟ وجهان . قال  القفال     : يرجع كل واحد على صاحبه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد ، ويهدر نصفه كالاصطدام ، فإنها حرمت بفعلهما ، وقال  الشيخ أبو علي     : لا يرجع بشيء . 
( الفرع   ) الثاني : نكح امرأتين في عقد ، فبانت إحداهما أم الأخرى  ، بطل النكاحان . ولا شيء لواحدة منهما ، إلا أن يطأ ، فيجب مهر المثل . ولو نكحهما في عقدين ، ووطئ إحداهما ، ثم بان الحال ، نظر ، إن سبق نكاح الأم ، فإن كانت هي الموطوءة ، فنكاحها بحاله ، والأخرى محرمة . وإن كانت البنت هي الموطوءة ، فالنكاحان باطلان ، لأن البنت نكحها وعنده أمها ، والأم أم موطوءة بشبهة ، وله أن يتزوج البنت متى شاء ، لأنها ربيبة لم يدخل بأمها ، ويجب للبنت مهر المثل ، وللأم نصف المسمى . وإن سبق نكاح البنت ، فإن كانت هي الموطوءة ، فنكاحها بحاله ، والأم حرام أبدا . وإن كانت الموطوءة الأم ، بطل النكاحان ، وحرمتا أبدا ، وللأم مهر المثل ، وللبنت نصف المسمى . وإن أشبهت الموطوءة ، وعرفت التي سبق نكاحها ، ثبت نكاح السابقة ، لأن الأصل استمرار صحته ، وليس له نكاح الثانية ، لأن الأولى   [ ص: 116 ] إن كانت بنتا ، فالثانية أم امرأته محرمة أبدا . وإن كانت أما ، فليس له نكاح البنت وأمها تحته . وإن ارتفع نكاح الأم بطلاق أو غيره ، لم يحل له واحدة منهما ، لأن إحداهما محرمة أبدا ، فصار كاشتباه أخته بأجنبية . وإن اشتبه السابق من النكاحين ، وعرفت الموطوءة ، فغير الموطوءة محرمة أبدا ، والموطوءة يوقف نكاحها ، وتمنع من نكاح غيره . وإن طلبت الفسخ للاشتباه ، فسخ كما في اشتباه الأوليين . وإن اشتبه السابق من النكاحين والموطوءة ، وقف عنهما ، لاحتمال سبق البنت والدخول بالأم ، وليس له نكاح واحدة منهما ، لأن إحداهما محرمة أبدا . ولو كانت المسألة بحالها ، لكن وطئهما جميعا ، بطل النكاحان ، وحرمتا أبدا . ثم إن وطئ أولا التي نكحها أولا ، فللأولى مهرها المسمى ، وللثانية مهر المثل . وإن وطئ أولا التي نكحها آخرا ، فلها مهر المثل ، لأنه لم ينعقد نكاحها ، وللمنكوحة أولا جميع مهر ) المثل ونصف المسمى . 
أما نصف المسمى ، فلارتفاع نكاحها بسبب من الزوج . وأما جميع مهر المثل ، فلأنه وطئها بشبهة بعد ارتفاع النكاح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					