فصل في بيع المريض بالمحاباة مع حدوث زيادة أو نقص  أما الزيادة ، فالاعتبار في القدر الذي يصح فيه البيع بيوم البيع ، وزيادة المشتري غير محسوبة عليه . 
والاعتبار في القدر الذي يبطل فيه البيع ويبقى للورثة بيوم الموت ، ولا فرق بين أن تكون الزيادة بمجرد ارتفاع السوق أو بصفة تزيد في القيمة . 
فإذا باع عبدا قيمته عشرون بعشرة ، ثم بلغت قيمته أربعين ، وصححنا البيع في بعضه على ما بيناه في " تفريق الصفقة " ، فإن صححناه في بعضه بكل   [ ص: 265 ] الثمن ، فللمشتري بالعشرة نصف العبد وهي قيمته يوم الشراء ، يبقى نصف العبد وقيمته يوم الموت عشرون ، يضمه إلى الثمن ، يبلغ ثلاثين ، فله من ذلك شيء بالمحاباة ، وشيء يتبع المحاباة بسبب زيادة القيمة غير محسوب عليه ، يبقى ثلاثون درهما إلا شيئين تعدل ضعف المحاباة وهو شيئان ، فتجبر وتقابل ، فثلاثون درهما تعدل أربعة أشياء ، فالشيء ربع الثلاثين وهو سبعة دراهم ونصف ، وهذا ما يجوز التبرع فيه وهو ثلاثة أثمان العبد يوم البيع ، فيضم إلى النصف الذي ملكه المشتري بالثمن ، فيحصل له بالثمن والتبرع سبعة أثمان العبد ، يبقى للورثة ثمنه وهو خمسة يوم الموت ، والثمن وهو عشرة ، وهما ضعف المحاباة . 
وإن صححنا البيع في بعضه بقسطه من الثمن ، فنقول : يصح البيع في شيء من العبد بنصف شيء من الثمن ، فتكون المحاباة بنصف شيء ، ويبطل البيع في عبد إلا شيء ، وقيمته عند الموت أربعون درهما إلا شيئين . 
وإنما استثنى شيئين ; لأن الاستثناء يزيد بحسب زيادة المستثنى منه ، فيضم إليه الثمن وهو نصف شيء ، يبقى أربعون إلا شيئا ونصف شيء ، وذلك يعدل ضعف المحاباة وهو شيء ، فتجبر وتقابل ، أربعون تعدل شيئين ونصف شيء ، فالشيء خمسا الأربعين ، وهما ستة عشر ، وهي أربعة أخماس العبد يوم البيع ، فللمشتري أربعة أخماس العبد بأربعة أخماس الثمن وهي ثمانية ، فتكون المحاباة بثمانية ، وللورثة أربعة أخماس الثمن وهي ثمانية ، وخمس العبد وقيمته يوم الموت ثمانية ، فالمبلغ ستة عشر ضعف المحاباة ، ولا اعتبار بالزيادة الحادثة بعد موت المريض ، بل وجودها كعدمها . 
وأما النقص ، فإما أن يحدث في يد المشتري ، وإما في يد البائع المريض . 
القسم الأول : إذا حدث النقص في يد المشتري  ، فإما أن يحدث قبل موت البائع ، وإما بعده . 
 [ ص: 266 ] فالحالة الأولى : مثالها : أن يبيع عبدا قيمته عشرون بعشرة ، ثم تعود قيمته إلى عشرة ، ثم يموت البائع ، فإن صححنا البيع في بعض العبد بجميع الثمن ، قلنا : ملك المشتري نصف العبد بالعشرة ، ونضم نصفه الآخر يوم الموت وهو خمسة إلى الثمن ، يبلغ خمسة عشر ، للمشتري شيء من ذلك المحاباة ، وذلك الشيء محسوب عليه بشيئين ; لأن النقص بالقسط محسوب على المتبرع عليه ، فيبقى للورثة خمسة عشر إلا شيئا يعدل ضعف المحسوب عليه من المحاباة وهو أربعة أشياء ، فتجبر وتقابل ، فخمسة عشر تعدل خمسة أشياء ، فالشيء ثلاثة ، وهي ثلاثة أعشار العبد يوم الموت . 
وإذا انضم إليها النصف الذي ملكه بالثمن وهو خمسة يوم الموت ، كان المبلغ ثمانية وهي أربعة أخماس العبد يوم الموت ، فيصح البيع في أربعة أخماس العبد وهو ستة عشر بجميع الثمن وهو عشرة ، يبقى التبرع بستة ، وللورثة خمس العبد وهو درهمان ، والثمن وهو عشرة ، فالجملة اثنا عشر ضعف المحاباة . 
وإن صححنا البيع في بعضه بالقسط ، قلنا : يصح البيع في شيء من العبد بنصف شيء من الثمن ، ويبطل في عبد ناقص بشيء ، وقيمته يوم الموت عشرة إلا نصف شيء ، فتضم الحاصل من الثمن وهو نصف شيء إليه ، فيكون عشرة دراهم بلا استثناء ، وهي تعدل ضعف المحاباة ، وهي شيء ، فالشيء عشرة دراهم ، وهي نصف العبد يوم البيع ، فيصح البيع في نصفه وهو عشرة بنصف الثمن وهو خمسة فالمحاباة بخمسة دراهم ، وللورثة نصف العبد يوم الموت وهو خمسة ، ونصف الثمن وهو خمسة ، وجملتها ضعف المحاباة . 
وفقه هذه الحالة : أن ما صح فيه البيع ، فحصته من النقص محسوبة على المشتري ; لأنه مضمون عليه بالقبض . 
وما بطل فيه البيع ، فحصته من النقص غير مضمونة على المشتري ; لأنه أمانة في يده ; لأنه لم يتعد بإثبات اليد عليه ، ولا قبضه لمنفعة نفسه . 
واستدرك إمام الحرمين فقال : إن كان النقص بانخفاض السوق ، فهذا صحيح ; لأن نقص السوق لا يضمن باليد مع بقاء العين . 
فإن كان   [ ص: 267 ] النقص في نفس العبد ، فيحتمل أن يقال : إنه مضمون على المشتري ; لأنه مقبوض على حكم البيع . 
حتى لو برأ المريض ، كان البيع لازما في الجميع . 
فعلى هذا ، يصير المشتري غارما لقدر من النقصان مع الثمن ، ويختلف القدر الخارج بالحساب . 
الحالة الثانية : أن يحدث النقص بعد موت البائع  ، فظاهر ما ذكره الأستاذ  وأبو منصور  ، أنه كما لو حدث قبل الموت ، حتى يكون القدر المبيع هنا كالقدر المبيع فيما إذا حدث قبل موته . 
قال الإمام : وهذا خطأ إن أراد هذا الظاهر ; لأن النظر في التركة وحساب الثلث والثلثين إلى حالة الموت ، ولا معنى لاعتبار النقص بعده ، كما لا تعتبر الزيادة . 
القسم الثاني : إذا حدث النقص في يد البائع  ، بأن باع مريض عبدا يساوي عشرين بعشرة ، ولم يسلمه حتى عادت قيمته إلى عشرة ، ذكر الأستاذ : أنه يصح البيع في جميعه ; لأن التبرع إنما يتم بالتسليم ، وقد بان قبل التسليم أنه لا تبرع . 
قال : وكذا لو عادت قيمته إلى خمسة عشر ; لأن التبرع يكون بخمسة ، والثلث واف بها . 
واعترض الإمام بأن التبرع الواقع في ضمن البيع لا يتوقف نفوذه وانتقال الملك فيه على التسليم ، فوجب أن ينظر إلى وقت انتقال الملك ، وأن لا يفرق بين النقص قبل القبض وبعده ، وهذه الاعتراضات بينة . 
فرع   : الحادث في يد المشتري ، إن كان بانخفاض السوق ، لم يدفع خيار المشتري بتبعض الصفقة عليه . 
وإن كان لمعنى في نفس المبيع ، فقد شبهوه بالعيب الحادث مع الاطلاع على العيب القديم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					